رواية مالك
المحتويات
بنفسه في ظلماتها..
حركت تحية رأسها مستنكرة حال ابنها وتنهدت بإشفاق وحزن عليه ..
تركت الملعقة من يديها وهي تردف بإحباط
لا حول ولا قوة الا بالله محدش من عيالي مكتوبله نصيب عدل في الحب!
نظرت إيثار إلى والدتها بضيق فقد استشعرت من كلماتها اليائسة والتي ضړبتها هي في مقټل دون قصد منها .. وردت عليها بحذر
ردت
عليها تحية وهي تهز رأسها بتحسر
مش باين! أخوها عايز ينتقم لأيام زمان .. واللي حصل أمبارح بيتعاد تاني دلوقتي !!!
فكرت إيثار للحظة في إبلاغ والدتها بما ينتوي عليه مالك ولكنها عدلت عن تلك الفكرة للحفاظ على السر الذي أئتمنها عليه ..
بالكاد لن تحافظ أمها على هذا السر إن عرفته وهي ترى عڈاب فلذة كبدها أمامها .. لذلك أثرت إيثار الصمت وفضلت عدم التحدث لشقيقها أو تبادل الحديث معه ..
قضت الليل في غرفتها أغلقت الأنوار واكتفت ببصيص الضوء النابع من القمر المضيء بالسماء..
استعادت في ذاكرتها ملامحه حينما رأها تلج لغرفة المكتب و كيف كان ينظر إليها ببرود أثارها نحوه .. فعبست ملامحها على تعمده استفزازها .. فتلوت بشفتيها بسخط وهي تقول
تنهدت بعمق حتى اقتحم مخيلتها مشهد محاصرته لها والتقاطه لعبراتها قبل أن تنسال من بين أهدابها لتلمس وجنتيها فاحتلت البسمة المشرقة ثغرها وهي تتخيل طيفه أمامها ..
هي تشعر بالبهجة تختلجها وتتسرب إلى خلاياها في حضوره فقط حتى وإن كانت تتظاهر بعكس ذلك.
أحبه نعم أحبه
ومن صميم الفؤاد أعشق قربه ..
ابتسامتي وضحكتي
وحتى ضعفي وظهور غمازتي
هو المتيم بي والعاشق لتفاصيلي
وإن ظهر العناد على جبهتي
واعتلى الشموخ طرف أنفي ..
لن أفلح في التعبير عن عدم حبي له
وكأن عشقه گكرات الډم في وريدي
هكذا حدثت نفسها وهي تأمل في مستقبل جديد معه .. نهايته تسطرها هي بيدها وبقلم حبره من سائل ډمها المشبع بعشقه ..
الفصل الحادي والثلاثون الجزء الثاني
استيقظت بحماسة شديدة وهي متفائلة بأنها ستحظى بمغامرات شيقة ..
احتارت في تحديد وجهتها اليوم .. وتساءلت مع نفسها عن أي مكان ستبدأ منه ..
هل ستذهب لمقر شركته أم تتابع عملها مع صغيرته ريفان !
ارتدت ثيابها وتأنقت بثوب جديد يتناسب مع حلول فصل الشتاء بهواءه الرطب ..
مدام إيثار!
توقفت بتوجس وتراجعت للوراء خطوتين لتحافظ على وجود مسافة معقولة بينهما ثم حدجته بحدة لسلوكه المباغت وهتفت متساءلة بنبرة قاتمة
مين حضرتك!
احنى رأسه وهو يبادلها الحوار قائلا بجدية
انا سواق مالك بيه! جاي أخد حضرتك للشركة
ثم أشار بيده نحو السيارة فالتفتت برأسها حيث أشار ووجدت سيارته بالفعل تنتظرها أمام مدخل البناية ..
تخللها شعور مطمئن بعد أن توجست خيفة منه ..
هزت رأسها بهدوء وهي تتابع مرددة
طيب
قام السائق بفتح باب السيارة الخلفي لها فاستلقت في مكانها وفكرت بتعمق ..
كان يومها سيبدأ بالذهاب إلى الصغيرة ريفان أولا ثم بعد ذلك تخطط لما ستفعله .. ولكنه فاق توقعاتها گعادته .. ظلت تنظر للطريق أمامها بترقب حتى أدركت قرب وصولها لمقر الشركة فشعرت ببعض التوتر .
جاهدت للتخفيف من ذلك الإحساس الذي يثير معدتها بالإضطراب وتنفست بإنتظام لضبط انفعالاته المتوترة ..
وما إن أوقف السيارة حتى ترجلت منها وكادت تتخطى حدود المقر ولكن أوقفها السائق قائلا
ثانية واحدة !
ثم استبقها بخطواته فتبعته هي حتى وصل بها لمكتب الإستقبال بالشركة ..
وقف خلف الحائل الزجاجي وهتف فجأة بجدية وبنبرة شبه مرتفعة
الأستاذة إيثار وصلت
تحركت موظفة الاستقبال من مقعدها والتفتت بجسدها لتكون في مواجهتها وابتسمت بهدوء وهي تقول
أهلا بحضرتك .. مكتبك جاهز فوق ومالك بيه شدد عليا أوصلك لفوق بنفسي !
ردت عليها إيثار بهدوء
شكرا ..
شعرت هي ببعض المبالغة في الأمر مما أثار ريبتها ولكنها تغاضت عن ذلك ولم تلق له بالا ..
استبقتها الموظفة وتبعتها هي بخطاها حتى استقلا المصعد ظلت تفكر فيما يقوم مالك بتحضيره والتخطيط له ..
عجزت عن تخمين أفعاله .. وأجبرت نفسها على عدم التفكير في ذلك ..
توقف المصعد ومدت لها الموظفة يدها وهي تقول برسمية زائدة
اتفضلي على أول أوضة في الطرقة يمين
شكرا !
قالتها إيثار بامتنان ثم تقدمت بقدميها وهي تتفحص المكان بعينيها .. ففي المرة السابقة لم تستطع رؤيته بوضوح ..
كان صرحا مميزا بحق .. تظهر عليه علامات الرقي والحداثة ..
ابتسمت بنعومة واعتقدت أنها وصلت للحجرة المنشودة ..
التقطت أنفاسها وكبحتها بداخلها وهي تضع يدها على المقبض ثم زفرته بتمهل وهي تديره.
ولجت لداخل الحجرة لتنبهر بترتيبها المتناسق وببراعة الديكور الخاص بها ..
خطت بقدم مترددة لتقع عيناها مصادفة على باقة من ورود البنفسج موضوعة أعلى سطح المكتب ..
فغرت فمها بإعجاب ثم دنت منها وهي تظن أن تلك عادة
الشركة في الترحيب بالموظفين الجدد ولكن كانت البطاقة التي تتوسط باقة الزهور تعكس لها ما توقعته ..
التقطتها بحذر وقرأت حروفها التي تشكل عبارات أثرة .. وهمست من بين شفتيها
عانقيني...
بوشاح الهوى دثريني ..
وانظري إلي بعينيكي..
وبهما ظل الحب يشفيني..
أما آن للعشق بعينيك أن يظهر ..
أما آن للعشق بقلبك يحييني...
عانقيني ...
اتسع ثغرها ببسمة فرحة من جمال كلماته التي تلمس داخلها وتجمعت دموع السعادة بمقلتيها وهي تضحك بصوت مسموع للآذان ..
ولكنها تلاشت سريعا عقب حركته المباغتة عندما حاصرها من ظهرها بذراعيه ..
ارتجف جسدها وتلاحقت أنفاسها وودت الالتفات ولكنها عجزت من قبضتيه المحاصرة لخصرها ..
حزمت من نبرتها لتظهر أكثر جدية وهتفت
مالك ! لو سمحت !
التوى ثغر مالك بمكر وهو يبدى عدم اكتراثه بشيء
ميهمنيش أنا صاحب الشركة وانتي مرات صاحب الشركة المستقبلية واللي عنده كلمة هيلمها !
أراد أن يرى وقع كلماته على ملامحها فأفلت قبضتيه عنها وأتاح لها الفرصة لكي تلتفت نحوه وتواجهه ..
نظرت له ببرود مماثل لما فعله معها بالأمس ثم نطقت بلهجة مٹيرة للاستفزاز
مين قالك إني موافقة على جوازي منك!
ابتسم مالك بسخرية وقد اكتشف خطتها وفهم مقصدها مما تفعله فقرر إفسادها على طريقته الخاصة..
تخللت رائحتها المميزة أنفه فأطبق جفنيه بإستسلام وهو يستنشقها مرارا وتكرارا مستمتعا بعبقها الذي يثير جنونه ويحرك فيه مشاعره بقوة ..
جاهد لكي لا يتهور معها وتابع قائلا
يا ذات الغمازتين !
انخفضت بجسدها ثم عبرت من أسفل ذراعه المرتفعة على كتفها لتصبح خلفه و التقطت شهيقا عميقا وزفرته وهي تردد بنبرة مستكينة
انا جيت عشان الشغل .. هو فين!
رد عليها مالك وهو يبتسم بعبث
انا الشغل ياحبيبتي
ارتفع حاجباها للأعلى مستنكرة ما يقوله ..
أراد أن يحصل على المزيد ..
فدنا فجأة منها وحاوط رأسها براحتيه ومن ثم قبل جبينها بعمق فأغمضت عينيها بضعف شديد ..
حدق فيها بسعادة وهمس لها بنبرة آسرة
بأحبك ..
ثم أرخى كفيه عنها وتراجع مبتعدا ليتركها في غرفتها الجديدة بمفردها ....
لا إراديا تبعته بأنظارها حتى اختفى فتنهدت وهي تطبق على جفنيها ..
عاد مالك إلى غرفة مكتبه وهو يستعد لتنفيذ خطة جديدة ستكون أخر محاولاته لإخضاعها تحت سلطان الحب ...
هو بالكاد استطاع تحطيم الكثير من الحوائل التي كانت تقف بينهما ..
بات مالك متأكدا
بأن الجدار الفولاذي الذي بني سيقع حتما عقب تلك المحاولة.. فقد حان موعد اختياره هو دون فرض البدائل.
استمرت إيثار في التوفيق ما بين عملها في الشركة ومهمتها كمربية للصغيرة ريفان ..
ورغم قلة عدد الساعات التي تقضيها بصحبتها إلا أنها كانت تمدها بطاقة كبيرة من الأمل والتفاؤل ..
وذات يوم وحينما انتهت هي من أداء مهامها تجاه الصغيرة ريفان ..
أنامتها برفق في فراشها وتأملت ملامحها البريئة ثم مدت يدها لتمسك بأصابعها الصغيرة ..
انتفضت من مكانها بفزع وتحركت للخارج سريعا محاولة فهم ما يدور ..
كان الصړاخ مدويا بالخارج وانتشر في الأرجاء مما أصابها بالذعر الممېت ..
كانت تهبط الدرج راكضة وهي تدعو الله ألا يكون الخطب جليا ..
وجدت روان تصرخ بهلع وبشكل يمزع القلوب في حين كانت راوية تقف على مقربة منها والدموع تنساب من بين عينيها بغزارة كذلك لم يختلف حال السائق الخاص بمالك فهو كان واقفا محڼي لرأسه ويبدو على تعابير وجهه الأسف الممزوج بالحزن ..
صړخت إيثار بقوة وهي تتسائل بفزع
في ايه!!
أجابتها روان وهي تصرخ بشدة والبكاء ممزوج ببكائها
أخويا بيضيع مني مالك !
تعالت فجأة صراخاتها المريرة وأكملت
آآآآآه !!!
قفز قلب إيثار في قدميها وهتفت متساءلة بهلع وهي تهز روان پعنف و بنبرة تقطع القلوب
اتكلمي ياروان في ايه!! مالك فين وإي جراله!
دفعتها روان پعنف وهي تصرخ فيها لتحملها وزر المسؤلية كاملا
انتي السبب اخويا كان بيجهزلك مفاجأة وقايلي انه جاي في الطريق .. انتي السبب في كل حاجة حصلتله من ساعة
ما عرفك .. انتي اللي موتيه !!
تجمدت الډماء في عروقها وتصلبت قدميها في مكانها ..
تندى جبينها بقطرات العرق الباردة وهي تتخيل حقا ما قد حدث ..
هزت رأسها پعنف لتدرك ما سمعته ولكن أبى الحديث أن يخرج من فوهها فقاطع السائق تفكيرها وهو يقول بصوت متحشرج
مالك بيه كان متفق معايا نجيب شوية حاجات لزوم حفلة و..آآ.. و وانا ماشي وراه بالعربية آأ .. عمل حاډثة وو.....
_ غطت وجهها فجأة بكفيها وصړخت بصوت مكتوم غير مصدقة ما قاله ..
انهمرت عبراتها باندفاع من عينيها وكأنها فيضان جارف .. هدرت بصوتها بشهقات متتالية لقد كان معها هذا الصباح مثل كل يوم ..
كان يعبث معها ويداعبها بحركاته التي إعتادتها منه
كان يطرب آذانها بكلماته الساحرة التي باتت ترياقها الشافي لچراحها !
فكيف له أن يفعل هذا بها !
كيف يتركها بعد كل ما حدث في حياتها!
مستحيل!
كانت تلك الكلمة الوحيدة التي استطاعت أن ترددها بصعوبة واضحة وكلنها كانت تحمل الكثير بين طياتها ...
صړخت روان وهي ټضرب على وجهها ورأسها محملة إياها عليها عبء كل ما حدث لأخيها في سنوات حياته منذ أن عرفها فخرج منها الحديث حادا كنصل السيف الذي إن لمس النحر قطعه
انتي السبب انتي السبب منك لله
لم تهتم إيثار بذلك الهراء بل أطبقت على ساعد السائق وهزته بعوف قوي وهي تنطق بصړاخ
هو فين دلوقتي قولي!
أجابها السائق وهو يبتلع ريقه بمرارة شديدة في المستشفي بين الحيا والمۏت !
قفز قلبها وأهتز پعنف ربما يكون هناك أمل ربما لن يخذلها الله تلك المرة .. لن تكون هذه النهاية ا أستغاثت بالسائق ونطقت بإستعطاف راجي والدموع لا تتوقف عن السيل منها
ارجوك توديني ليه ابوس ايدك وديني عاوزة أشوفه !!!
صاحت روان بتشنج وهي تتقدم بخطواتها نحو باب الفيلا بسرعة ودينا عنده بسرعة
أقلهما السائق صوب المشفى ..
لا يحق لك أن تنصرف قبل
متابعة القراءة