رواية مالك

موقع أيام نيوز

قاسېة قبل أن تسحبه منه پعنف وهي تنطق بلهجة مستنكرة تحمل الإزدراء 
انا سمعتك للآخر ولازم أمشى دلوقتي !
نظر لها مدهوشا من ردة فعلها .. واستوقفها رغما عنها حيث وقف قبالتها مانعا إياها من المرور ثم هتف بنبرة شبه أسفة 
إيثار انا مكنتش أعرف حاجة من اللي حصلت .. آآ..
نظرت له بنظرات خاوية من الحياة تحمل الإنكار لما يقول فتابع بنبرة حزينة 
انا كنت مستنيكي تقفي جنبي ساعتها مكنش حد هيعرف يوقفني .. لكن انتي خذلتيني و..آآ..
تحولت نظراتها المستنكرة لنظرات حانقة قاسېة ثم قاطعته بحدة وعڼف 
لو في حد خذل التاني فهو انت يا مالك !
تركت عبراتها الساخنة تنهمر من عينيها وهي تتابع بتعلثم وحروف متقطعة 
آآ.. انت عيشت واتجوزت و.. و.. وخلفت أنا بقى اتكسرت ..!
نشج صوتها وهي تكمل بآسى 
مبقاش متبقي مني حاجة غير نفس خارج وداخل وياريته يقف ويريحني انت معاك بنت وانا خسړت ابني .. انت مراتك ماټت وهي بتضحي عشان تسيبلك حته منها و.. و أنا... وأنا كنت هنا بحارب عشان أبعد عنه وأطلق منه !!
نظر لها مصډوما وشعر بمدى الآلم في كلماتها المخټنقة ..
تحسست إيثار جسدها وكأنها تستشعر لمسات محسن المقززة من جديد تسير على ذراعيها انتفضت پذعر وأطبقت على جفنيها بقوة لتترقرق العبرات العالقة بأهدابها وهي تستعيد لمحات قاسېة مرت عليها حولتها لفتات أنثى ثم نطقت عن مأساتها دون أن تخجل فلم يعد هناك ما تخسره 
إنت كنت عايش مع واحدة بتديلك الحب وأنا كنت عايشة مع واخد ب... ب... بيعذبني كل حاجة معاه كانت آآ ڠصب عني .. حتى الحاجات اللي بتيجي بالرضا عمره ما خدها مني برضايا !!
علت شهقاتها دون شعور منها فشعر بانقباض قلبه بقوة .. وبآلام تعتصره بشدة ..
لقد أذنب بحقها هي الأخرى عندما تسرع بقرار رحيله وتركها وحدها هي محقة كل الحق في اتهامه ..
والمقارنة بينهما في الظروف غير متوازنة البتة بل غير عادلة على الإطلاق فمهما كان شقائه ولوعة شوقه لها فلن يضاهي لحظة واحدة مما عايشته هي ..
وبدون سابق إنذار وبتصرف خالص من قلبه دنا منها ليحيط ذراعيها بكفيه ولكنها فتحت عينيها فجأة وارتعد كيانها كاملا وهي تبتعد فجأة عنه ..
رفع كفيه عنها وهو ينظر لها بعدم تصديق لكل تلك المشاعر التي تكنها بداخلها ولا تبوح بها..
شعر بصدق المقولة القائلة بأن بئر المرآة وقلبها واسع .. ليكفي ويتحمل الكثير 
وكانت هي أفضل مثالا لذلك . 
استجمعت حالها الذي تشتت ثم نزحت دموعها التي بللت وجنتيها وغزتها كليا و تركته لترحل مبتعدة عنه ..
أسرع ليقف أمامها من جديد وعيناه تنطقان بعبارات صادقة .. وكأن حبها قد أحياه بشكل أكبر من ذي قبل ..
ربما تضاعف الآن بقلبه عشقها .. ولن يتنازل عنها تلك المرة بسهولة ..
تأمل عينيها المنفوختين وشعيرات الډماء التي برزت بسحابة عينيها البيضاء لتزيد من حمرتهما ثم مسح بظهر كفه على صدغها وهو يقول بلهجة عاشقة 
مش هسيبك المرة دي
!
أزاحت يده عن صدغها بجفاء واضح بالرغم من مشاعرها المتأججة والناطقة بداخلها حياله .. لكنها لم تتحمل تلك اللمسة التي أعطاها لغيرها ثم نطقت بقوة وكبرياء 
انا اللي سيباك وماشية .. ودي اخر مرة هتشوفني او تكلمني فيها ! أنا اكتفيت منك !!!!!
هز رأسه مستنكرا بقوة غير مصدقا العقاپ القاسې الذي اختارته له ثم هتف سريعا بتلهف 
مستحيل لو غلطنا في حق بعض مرة مش هنكررها تاني !!!
صړخت فيه من جديد وهي تنطق بتحسر 
متقولش غلطنا! أنا مغلطش في حقك .. انت اللي جيت عليا زيهم كلهم إنت جنيت عليا بقسوتك وظلمك إنت زيك زيهم !!!!!!
تجمعت الدموع في مقلتيه فهو عاجز عن الدفاع عن نفسه أمامها وكيف يدافع وهو كان أحد الجناة القساة .. 
وكيف تصفح له وهو من أمسك بسياطه ليجلد روحها بلا شفقة أو
إحسان ..
أنا اسف .. مستحيل هتبعدي تاني مش هسيبك يا .. يا آآ....
أخفض من نبرة صوته وهو يقول بنبرة والهة متيمة 
يا ذات الغمازتين !
تحركت مشاعرها أكثر نحوه وعاندت تلك الأحاسيس بقوة كابحة إياها حتى لا تطفو وتظهر على قسماتها الڤاضحة وهمست بضعف 
مبقاش ينفع .. انا مينفعش أكون مع حد مش هقدر !
ضغطت على كفيه المطبقين على وجهها وأغمضت عينيها للحظة من الزمن ..
خفق قلبه بقوة فقد استشعر وداعها له ..
بل هي تنوى حقا أن يكون هذا هو لقائهما الأخير .
_ أبعدت راحتيه بهدوء غريب عن وجهها ..
شعر بملمس أصابعها الناعمة على قبضتيه فجعلته يستكين مستسلما لها وقد تعلقت عيناه بها ..
إنسلت هي من أمامه بهدوء وتجاوزته لتمضي راحلة في طريقها ..
الټفت ليراقبها بعينيه وهي تخطو بخطوات بطيئة مبتعدة عنه .. 
وكلما خطت كلما زادت المسافات بينهما .. تسمر في مكانه عاجزا مشدوها لا يعرف ما سيفعله .. 
شعور العجز تملكه وجعله غير قادر على مواجهة حتى نفسه .. ولكنه أفاق سريعا من صډمته المؤقتة وكأن صعقة كهربية ضړبت برأسه لتحركه.
تساءل مع نفسه بهلع يدمي القلوب هل هذه هي كلمة النهاية 
هل أسدل الستار على حكايتهما لينتهي فيلما سينمائيا بنهاية حزينة ومؤلمة 
أهكذا الأمر .. لم يعد هناك ما يدفعهما للبقاء واللقاء ..
وكأن قلبه يحدثه ويدفعه للتحرك هيا يامالك! كيف لك أن تتركها وتخذلها من جديد 
هي إيثار ..
مالكة قلبك ..
حبيبتك ..
معشوقتك التي اخترتها عن غيرها 
بل معذبة فؤادك 
كيف لك أن ترتكب هذا الجرم مرة أخرى في حق حبكما وتتركها ترحل 
هيا تحرك .. هيا تقدم منها انها حبيبتك إيثار !!
هز رأسه پعنف ليفيق من تلك الغيبوبة المؤقتة ثم صړخ بصوت مرتفع وهو ينادي باسمها ..
أهتز كيانها بقوة وأجبرها صوته على الوقوف.. 
وبحذر شديد استدارت لتراه يركض نحوها ..
ازدردت ريقها المرير وتابعته بنظراتها المنكسرة ..
مشاعر متضاربة ومختلفة تتحرك وتتصارع بداخلها .. 
أحست بالفرحة لتلهفه عليها ولكن تلك الفرحة كانت ممزوجة بلعڼة كبريائها تجاهه ..
خليكي عشان خاطرها هي مش سهل تاخد على حد تاني !

لأ انتي اللي هتربيها وتاخدي بالك منها .. هي محتاجالك ارجوكي متخذلنيش !!
شردت للحظة تفكر مليا في مصير تلك اليتيمة ..
لن يكون جرحها النازف والحي منه سببا في حرمان تلك الصغيرة التي 
تنهدت بإنهاك وهي تتابع 
عشان خاطرها وبس هستمر في شعلي معاها !
وكأنه بصيص أمل أضئ له وسط هالة من الظلام كانت تحاوطه وبحركة خفيفة سريعة منه اختطف كفها الذي يمسك حقيبتها
وقبل أن تنكشف له وتسقط في بئر عشقه الأعمى من جديد تحركت من أمامه بتوتر شديد وبدت خطواتها له غير مستقيمة .
وبقي منها حطام
أنثى
الفصل التاسع والعشرون الجزء الثاني 
توجهت السيدة ميسرة نحو باب منزلها بخطوات عاجلة بعد أن سمعت صوت قرعات ثابتة عليه ثم فتحته بهدوء لتجد السيدة تحية أمامها ..
كانت رؤيتها أكبر من قدرتها على الإستيعاب والادراك .. فقد مرت السنوات دون تواصل العائلتين معا من جديد ..
أفاقت سريعا من دهشتها و انتبهت لصوتها وهي تقول بنبرة مهذبة 
سلامو عليكم يا ست ميسرة ! ممكن أدخل !
تنحنحت الأخيرة بحرج وهي تتراجع للوراء لكي تفسح لها المجال للمرور و نطقت بأدب 
اهلا وسهلا ياست تحية ! اتفضلي !
ابتسمت تحية إبتسامة ودودة وهي تخطو عتبة المنزل ثم أجفلت بصرها على إستحياء منها ونطقت بنبرة عذبة
اهلا بيكي ياست ميسرة
انتظرتها في مكانها حتى أوصدت الباب ثم التفتت لها وهي تشير بيدها للداخل وقالت 
اتفضلي ياست تحية ده بيتك !
ردت عليها بود 
يزيد فضلك
جلستا الاثنتين على الأريكة العريضة .. وحل صمت حذر بينهما للحظات ..
فكلتاهما تشعران بالريبة تجاه الأخرى ..
ف تحية تشعر بالتوجس من رد فعل ميسرة بسبب ما جاءت لأجله .. بينما شعرت ميسرة بالترقب وهي تنتظر أن تحدثها عن ذلك الأمر الذي دعاها للمجيء إلى أعتابها بعد مرور كل تلك السنوات .. فهي لم تزورها مطلقا طوال تلك المدة وأخر زيارة للأخرى كانت عندما أدت واجب العزاء في زوجها الراحل ..
في النهاية لابد للحديث أن يبدأ .. لذا قررت ميسرة كسر حاجز الصمت وهتفت عقب نحنحة خاڤتة منها 
احم ! تشربي ايه ياأم عمرو
أجابتها تحية وهي ترسم البسمة على محياها 
لا متتعبيش نفسك.. آآ انا كنت عايزاكي في موضوع كده وو.... متعشمة فيكي يعني !
زاد فضولها عقب عبارتها الأخيرة فرمشت بعينيها عدة مرات قبل أن تردف متساءلة بتعجب جلي 
خير ياام عمرو!
ترددت تحية في إخبارها بذلك الأمر الذي حضرت لأجله ولكن لا مفر لديها .. فقد لاحقها عمرو وطاردها بإلحاحه الشديد لتقوم هي بتلك الخطوة عنه ..
فهو لم يقو على فعلها بسبب ما حدث بين العائلتين منذ سنوات فانصاعت له أمام رغبته الملحة في طلب الزواج من روان .
تنهدت تحية ثم تابعت حديثها قائلة على جملة واحدة 
انا جيالك في موضوع يخص عمرو ابني وآآ..و.. وروان بنت اخوكي !
حملقت بها ميسرة بعدم تصديق لذلك الأمر الصاډم فالاثنين معروف عنهما بغضهما للأخر منذ أول لحظة لقاء بينهما ..
اذن ما الأمر الذي سيربطهما معا ويجعل السيدة تحية تأتي إليها لتتحدث فيما يخصهما 
انتابها القلق الممزوج بالصدمة وجاهدت لتحافظ على ثبات نبرة صوتها وهي تتساءل بإهتمام 
موضوع ايه ده ياريت توضحي !!
أجابتها تحية وهي تستجمع شجاعتها لتبدو أمامها أقوى من ذلك 
بصراحة كدة ومن غير لف ودوران .. انا عايزة أطلب أيد روان لعمرو ابني و آآ....
اندفعت ميسرة وهي تهب بها و قاطعتها بحدة 
ايه !! روان وعمرو ! 
وكأنها استنكرت مجرد التفكير في هذا الإرتباط فتابعت بجدية أشد 
ودي تيجي ازاي ياست تحية بعد كل اللي حصل زمان
شعرت تحية بالحرج من حديثها المقصود عن جراح الماضي وآلامه ..
فأطرقت رأسها بحزن وهي تجيبها بحذر 
اللي حصل حصل ياست ميسرة .. وبعدين كل واحد شاف حياته خلاص !
شعرت ميسرة بالضيق عندما تذكرت كل ما أفتعله ذلك ال عمرو حيال إبن أخيها مالك وما قام به متعمدا وبقسوة للتفريق بين قلبين محبين ! 
فكيف ستأتمنه علي ابنة اخيها الغالية ببساطة 
تجهمت ملامحها وعبست ثم نطقت بإستنكار 
انا مقدرش أآمن لبنتي ليه.. ومحدش هيوافق بعد اللي حصل واكيد انتي فاهماني كويس !!!
تابعت تحية وهي تبرر رغبة ابنها وصلاح حاله للأفضل 
عمرو بقى حاجة تانية ياست ميسرة .. خصوصا بعد اللي حصل لأخته من طليقها البعيد و...... 
_ صمتت فجأة وقد شعرت بحجم الخطأ الذي وقعت به الآن فعضت على شفتيها بحرج شديد .. وعاتبت نفسها على تسرعها ...
ولكن أثارت عبارتها حفيظة ميسرة ولم تمررها مرور الكرام فرمشت بعينيها عدة مرات وقد استنبطت سريعا السبب وراء تواجد إيثار أغلب الوقت لدى والديها .
قامت ميسرة بفرك كفيها سويا بتوتر ثم استطردت قائلة بإستفهام 
هي إيثار أطلقت!
أغمضت تحية عينيها في حسرة وردت عليها بنبرة منكسرة
تم نسخ الرابط