رواية مالك

موقع أيام نيوز

بصوت آمر وجاد 
اسمعي الكلام يا روان ماتمشيش إلا لما أبعتلك العربية بالسواق
ردت عليه بإبتسامة ناعمة 
حاضر يا مالك باشا !..
مر الوقت على إيثار وهي جالسة على الشاطيء دون أن تشعر بتأخره .. فنهضت بتعب من على المقعد وقررت الذهاب إلى المكتب التابع لعملها لتقديم اعتذار عن رعاية صغيرة عائلة مالك ..
وبالفعل توجهت إلى هناك ولكنها تفاجئت بالمديرة تبلغها بجدية 
للأسف اعتذارك مش مقبول يا إيثار
اتسعت حدقتيها في صدمة وهتفت بذهول 
نعم
أوضحت المديرة قائلة بجدية 
الأستاذ مالك أصر على وجودك لرعاية بنته !!!!
وبدت كمن تلقى صاعقة كهربائية للتو جعلت جسدها كله ينتفض على ذكر اسمه ..
هو رفض قرارها بالرحيل هكذا وأصر على على بقائها في العمل رغما عنها وكأنها لا تملك حق الاختيار ..
تشنجت تعابير وجهها من تخيل هيئته الغاضبة وهو يحط من قدرها وېهينها بشراسة وهتفت محتجة وهي تصر على أسنانها 
بس أنا مش موافقة
ردت عليها المديرة بهدوء حذر 
مش هاينفع ترفضي انتي ماضية على تعاقد !
أدركت إيثار أنها واقعة في مأزق قانوني فتعاقدها بالفعل ينص على الالتزام مع العائلة حتى تنتهي مدة التعاقد .. وإلا وقعت تحت طائلة الشروط الجزائية ..
حاولت أن تبرر للمديرة موقفها الرافض فهمست برجاء 
بس .. بس في أكفأ مني قادرين يقوموا بالمهمة دي بدالي ويمكن أحسن أرجوكي اقبلي اعتذاري ورشحيله الأفضل
هزت رأسها معترضة وهي تجيبها بإلحاح 
هو رافض إن أي حد يشتغل غيرك ولو .. ولو انتي رفضتي للأسف مضطرية أطبق الشرط الجزائي !
خفق قلبها بفزع وتساءلت بتخوف 
يعني ايه 
ردت عليها بضيق قليل 
انتي عارفة بموضوع الشرط الجزائي ولو احنا خلفناه هنقع في مشاكل والأستاذ مالك وقع معانا على العقد فبالتالي انتي لازم تروحي !
هتفت إيثار بصوت شبه مخټنق 
بس آآ..
قاطعتها المديرة قائلة بجدية 
ايثار انتي لو امتنعني عن شغلك هاتخسري كتير وهاتتحملي لوحدك قيمة الشرط وهو مش سهل
سألتها إيثار بقلق 
كام يعني 
صمتت المديرة للحظات قبل أن تجيبها بتلعثم 
م.. مليون جنية
شهقت إيثار مصډومة وهي جاحظة العينين 
ايييييييه !!!!..
في مكان أخر 
أطلقت سارة سبة لاذعة وهي تلقي بالصحن المتسخ في الحوض .. ثم رفعت ذراعها للأعلى لتجفف عرقها المتصبب .. فالجو كان حارا للغاية وهي لم تعد تتحمل تلك الحياة المرهقة التي تعيشها ..
استندت بعدها بكفيها على حافته وأخفضت رأسها في خزي واضح ..
أغمضت عيناها بقوة لتمنع نفسها من البكاء حسرة على حالها ..
لقد ظنت أنها بمجرد أن تتزوج من ذلك الشاب الثري رامز ستصبح ملكة متوجة ترتاد القصور وتقتني أفخم الثياب وتتقلد أثمن المجوهرات ولكنها تفاجئت بأنها مجرد أوهام أكاذيب واهية خدعها بها ..
فرامز لم يكن سوى رجل عادي لا يملك الكثير وظيفته عادية يدين لغيره بالكثير من الأموال كان يبحث عن عروس ليتزوجها ليحصل على أموال من أبيه كنفقات للزيجة ولكنه ببساطة خدع الجميع وأتى بها لتخدمه وتنفق عليه .. فقد كان بخيلا للغاية و لم ينفق عليها مليما واحدا ....
في البداية خشيت سارة أن تخبر عائلتها بما حدث معها فتتعرض للشماتة والتشفي خاصة وأنها كانت من أصرت على الزواج منه في أسرع وقت .. 
فإدعت أنها بخير وحياتها مثالية .. ولكنها يئست من كل شيء وأرادت الخلاص نهائيا منه .. لكنها تقيدت هي الأخرى بالديون .. فأصبحت مجبرة على سدادها أولا قبل أن تطلب الطلاق وترحل وإلا تعرضت للزج
في السچن ..
عادت لترفع رأسها للأعلى ثم فتحت الصنبور وأكملت غسل الصحون المتسخة وهي تبكي ...
استطاع مالك أن يحاصر إيثار بحق لم يكن ليتركها تفر بما فعلته به دون أن يعاقبها على خيانتها له ..
وجودها الآن هو فرصة هامة ولا تعوض للإنتقام منها ولمحاسبتها على ما مضى .. نعم هي فرصته لتلقينها درسا أخرا في توابع الغدر والخداع ..
وبالفعل نجح في هذا ووقع بنفسه على عقد عملها وبات متأكدا من عجزها عن الرفض وسينتظر بترقب قدومها إليه 
فكرت إيثار مليا طوال سيرها في حياتها بأسرها .. هي لم تحقق أي انجاز يذكر سوى في عملها الذي أحبته بشغف فأثبتت نفسها وكفائتها وحرفيتها مع الصغار بشهادة جميع من عملت معهم .. وها هي اليوم على وشك خسارته بسبب من أحبته ..
أردت ترك العمل معه لتتجنبه لكنه أجبرها عليه ليزيد من عڈابها .. 
هي لا تريد أن تعاني من وجوده في حياتها بأي صورة ممكنة ..
وهو وضعها في موقف صعب ..
لا يمكنها الإعتذار عن أداء واجب عملها بسبب قيمة الشرط الجزائي ولا يمكنها الصمود معه في مكان واحد وتحمل إهاناته وظلمه البين فباتت أمام خيارين كليهما أصعب من الأخر وهي مضطرة للقبول بهما معا
الفصل الحادي عشر 
_ كان ممتعضا عابس الوجه ومكفهر الملامح تلك التقاسيم التي كانت سابقا تنعم بالحيوية والنشاط والمرح .. أختفى كل ذلك الآن عقب هذه الأيام العصيبة التي مر بها حيث وقف أمام 
مالك أيوة ياعبدالله لأ لسه منزلتش .. متقلقش مش هتأخر عليكوا يدوب أخلص اللي ورايا وهاجي على المكتب .. مفيش حاجة أنا كويس
_ في هذه اللحظة طرقت ميسرة باب حجرته ودلفت وعلى مبسمها بسمة عذبة فبادلها مالك بالأبتسامة المزيفة ثم نطق ب...
مالك هقفل معاك وأكلمك تاني .. سلام
ميسرة وهي تتقدم حياله وبلهجة استفسارية انت نازل ياحبيبي
مالك وهو يهز رأسه إيجابا أيوة ياعمتو رايح البنك أصرف مرتبات الموظفين وهطلع بعد كدة على المكتب عشان أستاذ فايق عايزني
ميسرة بنبرة مترددة طب .. مش هتتغدي معانا النهاردة ولا أي
مالك وقد إستشف ما يختبئ خلف لسانها عايزة تقولي ايه ياعمتو وماسكة لسانك عنه
ميسرة وهي تطلق زفيرا محتقنا فيك ايه يامالك! ليه مش عايز تطمني وتقولي
_ أستدار مالك ليوليها ظهره ثم تصنع العبث في أشيائه ليتفادى مواجهة الوجه لهذه التي قامت بتربيته وتنشئته وهي أعلم الناس بحاله .. ثم هتف بإيجاز ملحوظ....
مالك مفيش ياحبيبتي متقلقيش عليا لو في حاجة هقولك
_ أمسك بحقيبة قماشية سوداء اللون ثم وضع بها حاسوبه الشخصي الصغير وقام بوضعها محل كتفه ثم أنطلق للخارج ليجد شقيقته المشاغبة الصغيرة فنظرت له بتلهف ممزوج بالحزن وأردفت ب.....
روان مالك .. هي إيثار كويسة!
مالك .......
_ نظر لحدقتيها وقد ظهر بعينيه العجز ثم هز وأسه بالسلب لتفهم هي الإجابة ثم تركها دون أن يتفوه حرفا وخرج ليهبط الدرج فأصطدم برؤية عمرو وهو يدلف عبر بوابة العقار ومعه شخصا غريب الأطوار لم يره من قبل .. في حين بدى له إهتمام عمرو الشديد بذلك الضيف وإبتسامته الواسعة التي غزت وجهه حتي رأه الأخير فتبدلت تقاسيمه ورمقه بنظرات مهينة وهو يردد وكأنه يلثن بالكلام ...
عمرو نورت يامحسن أتفضل بيتك ومطرحك وكفاية أنك راجل واجب وابن أصول
محسن بعدم أهتمام دي أقل حاجة ياعمرو المهم الست أم عمرو تقوملنا بالسلامة
_ نظر مالك للطريق أمامه في محاولة منه لعدم الأكتراث ثم عبر البهو الخاص بالبناية بسرعة ليكون خارجها بلمح البصر .
_ كانت إيثار بداخل حجرتها تجلس منكبة على مكتبها الصغير وتجاهد لكي تتحصل على قدر كبير من المعرفة والمعلومات والدراسة حتي تتمكن من خوض الأمتحانات بتحد سافر لنفسها وللآخرين من حولها .. ولكن من الحين والآخر كانت تشرد وتذهب لعالما آخر غير عالمها وواقعها الذي لا يروق لها تبتسم حينا ويختنق صدرها حينا آخر .. حتي تفاجئت بأخيها يقتحم عليها حجرتها دون أستئذان فرمقته بحنق ثم صبت بصرها في المراجع المتكدسة أمامها بينما بادر هو قائلا بحزم..
عمرو قومي أعملي اي حاجة بدل القعدة اللي ملهاش لزوم دي
إيثار بلهجة مضجرة أنا بذاكر مش بدلع انت عارف ان عندي امتحانات الأسبوع ده
عمرو ساخرا منها وانتي ماشاءالله مركزة اوي قومي اعملي شاي ولا اي حاجة لمحسن صاحبي عشان جه يطمن على ماما
إيثار وهي تلقي بالقلم الحبري على سطح المكتب بإنفعال والله مش مسؤليتي صاحبك تضايفه بنفسك انا ماليش علاقة بالموضوع ده
_ أطل عمرو برأسه للخارج ليرى ما أن كان صديقه مازال بنفس المكان أم لا ثم أقترب منها ليردد بخفوت غاضب
عمرو ماشي يا إيثار خليكي فاكراها
إيثار بنبره أشبه للهمس مبنساش ويا ريتني بنسي
_ قام عمرو بنفسه بإعداد أكواب العصير الطازج للضيف كما حضرت تحية لكي تشكر محسن على مجيئه إليها .. لمح محسن ظل الأم من بعيد فظن أنها إيثار .. تأهب لرؤيتها وإرتسم شبح البسمة علي ثغره إلا أنه أختفى فجأة عندما علم بأنها الأم وليست الأبنة لاحظ عمرو إمتعاض وجه صديقه فجأة فتسائل عن سبب ذلك و...
عمرو مالك يامحسن! في حاجة ضايقتك ولا
إي
محسن وهو يكبح غيظه لا ياعمرو سلامتك عايز شوية ميا بس أبل بيهم ريقي
_ تقدمت تحية حياله بخطى بطيئة ثم هتفت بنبرة رخيمة
تحية اهلا وسهلا يابني شرفتنا
محسن وهو ينهض عن مكانه الشرف ليا ياحجة الف سلامةعليكي
تحية بلهجة راضية الله يسلمك من كل سوء أتفضل أستريح
محسن مشيرا لها للمقعد المقابل لها ميصحش ياحجة أتفضلي أنتي الأول
تحية تسلم
_ جلست تحية قبالته في حين جلس هو يفرك أصابعه بتوتر جلي .. وظل ينظر من الحين للآخر للرواق المؤدي لحجرات المنزل ولكن دون جدوى فلم تظهر له أبدأ
_ قام مالك بتنفيذ المهام التي وكلت إليه على الوجه الأكمل حيث أنه لم يترك الفرصة لحزنه وهمومه أن تكون هي المنتصرة وتصرفه عن تحقيق الذات التي يحلم بها وبناء الكيان المنفرد الذي عاهد نفسه على بناءه .. وعقب أن أنتهى من عمله بأحد البنوك لصرف مستحقات الموظفين توجه صوب مكتب المحاسبة الذي يعمل به كمتدرب لمقابلة رئيسه والمشرف على تدريبه فايق 
وعندما علم فايق بإنجاز مالك لمهمته بوقت وجيز وعدم أحتياجه لعدة موظفين للقيام بذلك.. أنشرح صدره وزاد تعلقه به .. هو يمثل مصدر موثوق وجدير بالثقة بالنسبة إليه حتى إنه بدأ يشعر بالعجز بدونه .. أثنى فايق كثيرا على مجهوده بالفترة الأخيرة و...
مالك وقد أتسعت حدقتيه مكافأة !! حضرتك صرفتلي انا مكافأة!
مالك ببسمة عذبة يارب أكون عند حسن ظن حضرتك
فايق انت عارف من غير ماأنا اقولك انك معايا لما تخلص وساعتها مش هتكون مجرد متدرب لأ انت هتكون عمود المكتب
مالك وهو يهز رأسه بعدم أعتراض ان شاء الله يافندم.. أكيد يشرفني الشغل مع شخصية زي حضرتك
_ وبالرغم من إطراء رئيسه بالعمل عليه حيث أنه لا يتفانى في عمله .. إلا أنه لم يشعر بالفرحة بل شعر بالنقص .. هناك شيئا ناقصا يعلمه جيدا.. فجوة بداخله يجاهد لسدها ومع ذلك فهو يحتاج لعمله لإثبات مدى جدارته وقدرته على تحمل المسؤلية
_ مر العديد من الأيام المشحونة والمملؤة بالكبت حيث كانت جهود الأثنين مالك إيثار تنصب عليها أنه
تم نسخ الرابط