رواية مالك
المحتويات
حتى وقعت عينيه عليه فدنا منه وصافحه بحرارة وهو يهتف بلهجة ملتاعة مذعورة
أهلا يادكتور آآ... هي كانت كويسة و.. و فجأة كده أغمى عليها من ساعتها وهي زي ماانت شايفها !
_ اقترب الطبيب ثم مد يده لېلمس جبهتها فوجد حرارتها أقرب لأن تكون طبيعية للغاية ..
هز رأسه مستفهما ثم أسند حقيبته الجلدية على حافة الفراش وأخرج منها جهازا طبيا لقياس ضغط الجسم وأشار للخادمة وهو يردد بجدية
نظر لها مالك شزرا ثم نطق بإنزعاج ولهجة مقتضبة آمرة
اتحركي ياراوية
تحركت راوية ممتثلة لأمره بإتجاه الطبيب ثم وقفت تنتظر أوامره حتى هتف لها بثبات
أرفعي كم البلوزة من فضلك عشان أقيس الضغط
تابع مالك الموقف وهو يفرك كفيه بتوتر حتى شعر بجفاف حلقه من هول القلق خوفا عليها .
لم يكن يعلم أنه مازال يكن لها كل هذا الحب والشوق بل وأكثر مما مضى..
كان يتابع الطبيب بعينيه ولكن عقله كان شاردا فيها يفكر فيما قالته قبل أن تفقد وعيها بما حولها ...
حاول ربط الخيوط جيدا بما قالته روان عما يخص العزاء وما قالته هي من كلمة واحدة مقتضبة هز رأسه بقوة ليفيق على صوت الطبيب وهو يقول بجدية
ضغطها مظبوط لكن السكر واطي جدا في الجسم وطبعا ده بيأثر على أدرينالين الجسم أنا أدتيها حقنة دلوقتي تظبط نسبة السكر في الډم وهي محتاجة تتغذى كويس وتشرب حاجة مسكرة !
ممتنة
شكرا ليك خليكي معاها يا راوية وأنا هوصل الدكتور !
ثم أشار بيده له واصطحبه للخارج وهو يتسائل بفضول مصحوب بالخۏف
مفيش إي علاج أو ڨيتامينات ممكن تاخدها
رد عليه الطبيب وهو يهز رأسه نافيا بلهجة رزينة
المدام مش محتاجة غير جو نفسي هادي ومثيرات نفسية تساعدها تخطي أزمتها .. واضح أن عندها اڼهيار نفسي وعصبي !
آآ... أصل حصل حالة ۏفاة عندها وو... يمكن يكون ده أثر عليها
أكمل الطبيب وهو يسبقه بخطواته ليكون أمامه
تهيئة الجو النفسي للمريض عامل مهم جدا هو ده العلاج الوحيد
ثم الټفت إليه ونطق وهو يشير له محذرا
دوام الحالة دي وإستمرارها كتير مش هيكون في صالحها !
تمام تمام شكرا ليك .. وفي أي وقت هتعدي على الحسابات هتلاقي ظرف بإسمك هناك !
ابتسم لهالطبيب وهو يطرق رأسه ممتنا
شكرا ياأستاذ مالك عن أذنك !
_ الټفت ليغادر المكان بينما استدار مالك ونظر للأعلى بنظرات مترددة ما الذي سيفعله جراء ما حدث لها ...
تسمر في مكانه حائرا .. وتساءل مع نفسه بتخوف وقد تحولت قسماته للوجوم ..
تنهد بثقل ليطرد ذلك الهم خارج صدره ولكنه عجز وبخطوات متباطئة إعتلى الدرج ....
_ في هذا الآن كانت راوية تربت على كفها بهدوء وعطف حتى أحست بها الأخيرة وشرعت بتحريك جفنيها بتثاقل شديد وكأن يدا حجرية ثقيلة تغطي عليهما لمنعها من الأفاقة .
ولكن المثير هو تلك الرائحة التي أدخلت البهجة داخلها كأنه قريب منها يتأمل سكونها .. راحت ترى بمخيلتها ما تتمنى تحقيقه ....
.................................................. ....
_ كان يقف قبالتها ببسمته المعهودة والعذبة ثم مسح على وجنتها برفق وهي يسألها بنبرة معاتبة ولكنها مهتمة
فيكي إي يا إيثار
_
قبلت بطن كفه الملامس لصدغها ثم أسبلت بصرها وهي تنطق بصوتا متحشرجا يختلجه البكاء
تعبانة من غيرك !
اختنق صوتها وهي تكمل بتساءل
ليه كل ده بيحصل !
تنهدت بآسى وإنسابت العبرات من مقلتيها وهي تقول
ياريتك ما رجعت يمكن كنت هفضل مشتاقة أشوفك أهون عليا ما تكون جمبي وكارهني !
رد عليها مالك بصوت شجي وقد نطق وميض عينيه الذي لمع تأثرا بحديثها
عمري ما كرهتك انتي حلمي الصعب والمستحيل إحكيلي ياإيثار .. اشتكيلي مني !
أخرجت تنهيدة تحمل الكثير من التأوهات من صدرها المثقل بالأوجاع ثم أراحت رأسها على صدره وأغمضت عينيها تاركة العنان لعبقه يتخلل حواسها سحبت شهيقا وأطلقته زفيرا متريثا لفح صدره المرتاحة عليه ونطقت بنبرة دافئة خاڤتة تحمل بين طياتها مشاعر الاشتياق
متسبنيش انا ضعيفة من غيرك .. أنا بقيت شوية فتافيت يا مالك !
همس لها مالك وهو يمسح على رأسها بلمسات سحرية جعلتها تسافر منه لعالم أخر
انا جمبك ومش هسيبك انا مصدقت رجعتيلي .. فوقي ياإيثار عشاني وعشان ريڨان .. فوقي !
.................................................. ..............
مدام إيثار _ فوقي بقى الف سلامة عليكي ده انتي خدتي عين والله
فتحت عينيها المنتفختين بتثاقل فجأة لتنصدم بالواقع الذي تعايشه إنها راوية التي تحدثها وليس حبيبها الذي دق القلب له أولا وأخيرا ..
كان حلما تمنته في مخيلتها فقط ولكنه لم يحدث ..
حدقت بها وهي لا تستطيع تذكر آخر ما حدث لها فخرج صوتها متحشرجا ضعيفا وهي تقول بتساءل
في ايه !! ايه اللي حصل
أجابتها راوية وهي تبتسم لها بعذوبة شديدة
أبدا مفيش أغمى عليكي بس الدكتور طمنا !
_ حاولت الاعتدال في نومتها ولكنها شعرت بإهتزاز الأرض من حولها وزوغان حدقتيها ..
فأطبقت جفنيها للحظات لتستعيد توازنها ثم فتحتهما ببطء وجابت بنظرات سريعة المكان من حولها فأيقنت أنها متواجدة بحجرته ..
خفق قلبها بقوة وتسارعت نبضاته وهي تتحسس فراشه بصورة متوارية ثم غطت وجهها بكفيها وهي تقول بحزن آليم
عايزة أمشي مكنش المفروض أجي وانا تعبانة كده !
دخل مالك إلى غرفته بخطوات بطيئة ثم دس كفيه بجيب بنطاله وهو يهتف بلهجة آمرة
أنزلي أعملي عصير لمدام إيثار يا راوية وشوفي ريڨان لسه نايمة ولا صحيت !
سلط أنظاره على إيثار التي أطرقت رأسها حرجا منه بينما نهضت راوية عن جلستها ثم أبعدت بصرها وهي تعبر من جواره بصمت ..
بقي الاثنين بمفردهما فزاد التوتر في الأجواء .. وقررت التصرف فورا .. لا مجال للبقاء هنا .. هي أخطأت في القدوم وتسببت في إرباكه .. وربما يظن بها أنها افتعلت هذا ليرق قلبه إليها ..
ابتلعت ريقها بتخوف من ظنونه و استجمعت توازنها لكي تنهض عن الفراش لتترك الفراش .. فكفى بها ما حدث لها اليوم ولكنها تفاجئت به يدنو منها وهو يهتف بنبرة هادئة
انا مستعجلتش في حضورك كان ممكن تستني لما تبقي أحسن وبعدها تيجي !
زاد إرتباكها وخۏفها منه وردت عليه بصعوبة وهي تتحاشى النظر صوب مالكها
معلش ! انا اللي كنت مصممة أنزل عشان أشغل وقتي !
لمست الأرضية بقدميها وكادت تقف ولكنه أشار لها لتتوقف عن المحاولة مبررا لها بأن مازال عليها تجرع مشروبا سكريا ..
ولكن الحقيقة هو يرغب في بقائها لأطول وقت ممكن ..
وبلا تردد نطق بصوت آمر ولهجة اعتاد عليها مؤخرا
خليكي راوية هتعملك عصير وبعدين هخلي السواق يوصلك .. مينفعش تمشي وأنتي بالحالة دي !
بب ب..... باب.. ا
_ كانت الصغيرة ريڨان قد أستيقظت للتو وحضرت لحجرة أبيها وهي تحبو على الأرضية ثم استقامت واقفة لتتعالى ضحكاتها ..
كان صوتها گذقذقة العصافير في أذنيها فابتسمت بشكل لا إرادي وهي تنظر نحوها بينما دنا هو منها وحملها عن الأرضية وهو يغزو وجهها بقبلاته مرددا
حبيبة بابي !!!
_ أشارت ريڨان نحو إيثار فأستشف أنها ترغب بها فرفع أنظاره نحوها فوجدها محدقة بهما فإبتسم بعذوبة واقترب منها فوجد الصغيرة تميل بجسدها عليها وهي تفتح ذراعيها داعية إياها بأمر غير منطوق لتحملها ..
التقطتها إيثار بحب وهي تردف بنبرة مشتاقة لها
وحشتيني
وضعت الصغيرة يديها حول عنقها ثم أراحت رأسها على كتفها شعرت وكأنها قطعة منها تشفي كل ما بها من آلام ..
لم يكن الوضع مثيرا للذهول بالنسبة لمالك فهو يعلم مدى تعلق طفلته بها بفترة وجيزة للغاية وقد أحب هو ذلك لصغيرته التي وجدت حضنا يحتويها معوضا النقص الذي عانت منه لشهور .
_ تراجع بخطواته للخلف ثم ترك الحجرة لهما ينفردا بها وهبط يسأل راوية هل انتهت من إعداد المشروب أم لا ..
كانت راوية في طريقها إليها تعتلي الدرج بعد أن انتهت للتو من تجهيزه وفي تنهد براحة عندما وقعت عينيه عليها ثم هتف قائلا
خليكي معاها لحد ما تشربه !
ردت عليه راوية وهي تثني على فعلته بإعجاب ربنا هيجازيك خير يامالك بيه ان شاء الله
!
_ حرك رأسه بإيماءة خفيفة وهو يرسم بسمة مزيفة على محياه ثم تركها وأكمل طريقه لغرفة المكتب خاصته ...........................................
.................................................. ..................
وبقي منها حطام أنثى
الفصل الخامس والعشرون الجزء الثاني
وقفت تبكي بتحسر وهي تندب حظها العثر الذي أوقعها في هذا البلاء الذي تعيشه الآن .. لطمت على صدغيها وأطرقت رأسها في خزي وإذلال ..
لم تعد ترغب بالرفاهية والحياة المنعمة بل تتمنى لو تعود بها الحياة إلى سابق عهدها ترغب في العودة لراحتها القديمة التي تفتقدها..
نعم .. كانت تعيش في كنف أبيها مدللة فتزوجت من جعل منها وسيلة لتحقيق أغراضه الدنيئة طمعا في المبلغ المالي الضخم الذي كان سيحصل عليه من والده للإنفاق على تكاليف زواجه المزعوم ..
والآن هي تعاني ويلات لا حصر لها حينما رفضت الإنصات إلى والدتها التي لم ترغب في تلك الزيجة منذ البداية وحذرتها كثيرا من مغبة تلك المجازفة الغير مدروسة ولكن كان طمعها گالمرض الذي ينهش لحم صاحبه ويتركه عظاما ..
هي الآن في حضرة وكيل النيابة عقب تحويلها إلي السفارة المصرية ومنها للنيابة بعد ترحيلها سجينة من الخارج ..
شعور بالإنكسار المصحوب بالذل سيطر عليها كليا ..
حدجها والدها مدحت بنظرات ساخطة على صمتها طيلة السنوات السابقة وإيهامهبكونها تعيش گالملكة المتوجة في قصر زوجها ..
بينما قطع وكيل النيابة هذا الصمت المريب وهو يقول بلهجة جامدة
أكتب عندك قررنا نحن وكيل نيابة .... الإفراج عن المتهمة سارة مدحت عبد التواب بضمان محل إقامتها وعقب تسديد مبلغ الكفالة المطلوبة !
ثم رفع رأسه لينظر نحوها بجمود و أشار لها بيده وهو يتابع بصرامة
اتفضلي امضي هنا وامشي لولا والدك انتي كان زمانك متبهدلة في الاقسام !!!!!
_ ابتلعت سارة أهانته التي كانت گالعلقم في حلقها ثم أمسكت بالقلم بأصابع مرتعشة وهي تبكي بندم شديد . ..
سبقها والدها للخارج وهو يكافح للسيطرة على إنفعالاته ..
الټفت ليرمقها بنظرات احتقارية تقلل من شأنها وهو يردف بجمود وقسۏة
ليه عملتي كده في نفسك ياسارة ! !!
وضع كفيه على كتفيها ثم صړخ بها بعصبية وهو يهزها پعنف
ازاي تقبلي كده على روحك !!!
إنهارت سارة باكية بمرارة وحسرة فأرخى قبضتيه عنها وارتمت بين أحضانه لتكمل بكائها الحارق المصحوب بالخزي الشديد ..
اختنق صوتها وهمست بمرارة
مكنتش أقدر تقول حاجة كان لازم اتحمل نتيجة طمعي لوحدي !!!
أشفق مدحت
متابعة القراءة