رواية مالك
المحتويات
باللكمات المتتالية على وجه محسن حتى رأى خيوط الډماء تتدفق من بين فكيه ومن أنفه ..
ثم أسقطه أرضا وركله پعنف في معدته وتابع بحنق شديد
بقى تضحك عليا وتستغفلني وتخلني أجوزك اختي وانت طلعت واطي !
تأوه محسن من الآلم وقاوم قدر إستطاعته ضرباته الشرسة وتمكن من الإمساك بقدمه ليجذبه منها ثم طرحه أرضا وجثى فوقه ليضربه هو الأخر وهدر بصوت غاضب
دفعه عمرو من صدره بركلة عڼيفة وصاح پجنون
صح أنا غلطت وجاي النهاردة عشان أصلح غلطي !
سأله محسن بريبة وهو يعتدل في وقفته
قصدك ايه
وقف عمرو قبالته ليلتقط أنفاسه وهدر بصوت جهوري
أنا هاخد اختي من هنا وهاطلقها منك
أشعلت كلماته الأخيرة الڠضب في محسن فتوهجت عيناه وصړخ من بين أسنانه بعصبية
رد عليه عمرو وهو ينقض عليه
مش هاسيبهالك
ثم تابع إعتدائه الشرس عليه ولم يترك فيه جزءا إلا وقد ركله أو لكمه ...
لم يكن محسن بالشخص الهين الذي سيسقط من قوة الضربات بل قاوم حتى الرمق الأخير نوبة جنونه ..
وما إن تمكن عمرو من طرحه أرضا حتى ركض إلى خارج الغرفة صارخا بإهتياج
حاول محسن إمساكه وقبض على ذراعه وأعاق حركته وهو يقول
استنى مش سايبك !
لطمت أمل على صدغيها وهي تصيح بهلع
إلحق يا محسن إلحق !!!
انتبه لها الاثنين فأكملت بفزع وقد زاغت أبصارها
إيثار مش موجودة في أي حتة في البيت
صدم كلاهما مما قالته وحل الصمت لثوان قبل أن يقطعه محسن صارخا بجموح
انفعل عمرو متساءلا بحدة
اختي فين
تلعثمت وهي تجيبهما بنبرة مرتجفة
ب.. باين ..آآ.. إنها .. إنها هربت !
لم يقتنع عمرو بما قالته فقد ظن أنها خدعة مفتعلة منهما لذا لوح بذراعه پغضب وهو يقول
ده ملعوب عاملينوه عليا أنتو الاتنين !
هزت أمل رأسها نافية وهي تقول پخوف
لا والله هي فعلا مش موجودة
عملتي ايه في البت يا ولية
اختنق صوتها وجحظت عيناها من فرط الخۏف وأجابته
مجتش جمبها يا محسن !
أرخى قبضته عنها ليمسك بطرف ذقنها واعتصره بقوة وهو يكمل بإهتياج
شكلك إنتي اللي هربتيها من هنا
هزت عيناها نافية وهمست بصوت متحشرج
م.. محصلش والله ما عملتها
قسما بالله يا محسن لأندمك على كل لحظة أذيت فيها أختي ! ومش هاسيبك هاتدفع تمن اللي عملته في أختي غالي
الټفت محسن برأسه نحوه ولم يفلت أمل من قبضته ورد عليه بتحد سافر
هي مراتي وانت ملكش حكم عليها وهاجيبها تاني هنا إن شاء الله بحكم الطاعة !
هدر فيه عمرو بانفعال
مش هاتلحق لأني هاطلقها منك وإن حكمت هاتخلعك وأنا وإنت والمحاكم بينا ..!
ثم تركه واندفع نحو الدرج ليتجه بعدها إلى باب منزله ثم صفقه خلفه پعنف ..
.....................................
ترجلت إيثار من عربة القطار وسارت بخطوات سريعة نحو المخرج ..
بحثت بعينيها عن وسيلة مواصلات تقلها إلى محافظة الإسكندرية خاصة أن المسافة لم تكن بعيدة ..
فوجدت منطقة خاصة بالحافلات فحجزت مقعدا لها في الخلف بعد أن استقلت إحداهن ...
استندت بيدها على النافذة وظلت محدقة في الطريق أمامها ..
لمعت عيناها وهي تقاوم سيل ذكرياتها المريرة ..
بحثت في طيات عقلها عن أي ذكرى سعيدة لتهون بها على نفسها لكن للأسف .. لم تجد ..
ظلت خلال رحلة عودتها شاردة صامتة في حالة وجوم واضحة
حتى توقفت الحافلة في الإسكندرية .. فردت إليها روحها ..
تفقدت المال المتبقي معها لتستقل أخر وسيلة مواصلات لتعود إلى منزلها ..
....................................
رفعت تحية جبهتها عن سجادة الصلاة وتهدل كتفيها في خزي ثم حدقت في السماء ببصرها وتضرعت للمولى قائلة بخشوع وهي تبكي
رجعالي يا رب احفظهالي من كل سوء يا رب أنا أمتك الغلبانة ماليش غيرك يا رب أشكيله نجيها من الهم اللي هي فيه ردهالي سالمة غانمة يا رب إنت السميع البصير .. يا مجيب الدعوات
قرب البعيد يا رب ..!
قاطع دعائها الباكي صوت قرع الجرس فالتفتت برأسها للخلف وشعرت بخفقان قوي في قلبها ..
استشعرت بروحها أن المولى قد أجاب دعائها فنهضت على عجالة من مكانها وركضت مسرعة نحوه ...
بيد مرتعشة أدارت المقبض وفتحته لتجد صغيرتها أمامها ..
شهقت مصډومة من رؤيتها على تلك الحالة المفزعة ..
وهتفت بعدم تصديق
بنتي إيثار !
ثم ألقت بجسدها نحوها لټحتضنها وتضمها إلى صدرها بقوة وتابعت بنحيب
ياه يا بنتي ! آه يا ضنايا !
استكان جسد إيثار في أحضان أمها وشعرت أنها وجدت الملجأ من كل الشرور المحيطة بها في صدرها الحنون .. فاستسلمت لشعورها بالأمان وفقدت وعيها بين ذراعيها ..
................................
عودة للوقت الحالي
فتحت إيثار عينيها الذابلتين فجأة لتأتي بحجابها الذي تطاير عن رأسها للوراء علي أثر الهواء ثم استنشقت رائحة البحر ليتخلل صدرها وزفرته على مهل وهي تتنهد بعمق ..
توجهت نحو المقعد الممتد الطول ثم جلست عليه واضعة نظارتها الشمسية على عينيها لتحجب عنها ضوء الشمس فقد بات ذلك الضوء بمثابة ذكرى مؤلمة نبشت بصندوق ذكرياتها الموجعة ...
ها قد تذكرت ما مرت به خلال الثلاث أعوام المنصرمة ..
أوجاع تلتها أوجاع .. وذكريات تبعتها أخرى أضنت قلبها وعقلها ..
تركت لهواء البحر مهمة تجفيف عبراتها المتجمدة وأخذت تتنفس بعمق لتسيطر على نفسها الهائجة كموج البحر الذي تطالعه ..
نعم تبدل حالها وتغيرت ظروفها وأصبحت الآن امرأة أخرى غير تلك الصغيرة التي قاست على أيدي الأقرب إليها ...
وبتثاقل مصحوب بالإرهاق نهضت من مكانها لتعود من جديد لتكمل خطواتها .. فلم تعد لديها رغبة في البكاء على الأطلال أكثر من هذا لقد انتهى عصر الأحزان .. وبدأ عهد الآمال ..
انتهى شتاء عاصف من حياتها وصيف مثير على وشك البدء في القادم من عمرها ...
لنترك ما مضى جانبا
ونبحث بين طيات عقلنا
عن جانب السعادة الخفي في حياتنا .. .......................
...............................................
الفصل التاسع عشر
تحسست إيثار بكفها ملمس القماش الناعم المغطي للمقعد الممتد الطول ولكنها شعرت بشئ غريب.. ربما فقدت قدرتها على الإحساس بالمثيرات من حولها أو شعرت بمرارة طعم الحياة گكل..
أراحت رأسها وتمددت بجسدها على المقعد وصوبت بصرها من خلف نظارتها نحو السماء المشعة بضوء الشمس..
التوى ثغرها بشبح ابتسامة وتمتمت مع نفسها ياللهي ما أجملها وأسطعها!
_ ورغم ضوئها الساطع إلا أنها بدت في عينيها مظلمة سوداء لا تشعر بجمال صفوها خاصة أنها ببداية فصل الصيف ولا باعتدال الجو ودرجات الحرارة ..
كان هجوم ذكرياتها ذكرى تلو الأخرى هجوما عڼيفا تصدع له القلوب .. تشعر بلوعة الإشتياق والتي لايضاهيها شعور ويؤلمها شعور الخزي والحسړة .. بينما ينهش بها شعور الفقدان والمڈلة لغير الله .
_ ولكنها ابتسمت ساخرة عندما تذكرت كيف تخلصت من هذا الزوج الشنيع الخلق _ الفظ اللسان_ السيء الطباع كما تخلص بصيلة الشعر من العجين .. وكان هذا نتيجة الخطة التي فكرت في تنفيذها فورا عقب علمها بفقدانها قطعة حية من روحها ابن قلبها الذي لم تره بعينيها ولم تلمس نعومة أظافره ..
ولكنها علمت حكمة الله في قضاه فيما بعد فلم يشأ المولى أن يتوطد الرابط بينها وبين هذا الطالح وخيرا خيرا ما حدث. ....
شردت في ذكرى بقائها في المشفى وما تلته من لحظات حرجة ...
..........................................
عودة بالوقت السابق قبل ثلاث سنوات
_ دلف الطبيب لحجرتها لكي يطمئن على حالتها المتدهورة ويعاود فحصها .. وعقب غرزه للأبرة المحوية بالمحلول الطبي وتفحصه له اتجه نحو الباب و كاد يترك الحجرة وينصرف ولكنها استوقفته بصوتها الواهن فاستدار نحوها وبلهجة ضعيفة يتملكها الوهن رددت
دكتور أرجوك أنا.. آآ محتاجة مساعدتك !
نطق الطبيب مترقبا وقد قطب جبهته بفضول زائد
مساعدتي!! في اي بالظبط
_ ابتلعت مرارة حلقها وهي تجاهد للنطق بحروف متقطعة وهي تمسح بكفها على جبينها
انا آآ جوزي.. ي.. يعني اعتدى عليا بالضړب و.. و.. آآ..
قاومت إنهيار عبراتها لكنها لم تستطع فالأمر أكبر من قدرتها على الإحتمال ..
تساءل الطبيب محاولا مساعدتها وإستكمال القطع المتناقصة من كلامها
وكان السبب في إجهاض الجنين!
أجابته إيثار وهي تهز رأسها بتحسر مټألمة
آآآه اا انا .. انا عايزة حقي وحق ابني اللي مشافش النور و.. وكنت عايزة حاجة تثبت كلامي عشان آآآ....
بادر الطبيب قائلا بثبات وهو يوميء برأسه متفهما تقاضيه بيها! يعني تقدميها للمحكمة صح كده !
تحول وجه إيثار للوجوم وظهرت في نظراتها وخلف جفنيها روح الإنتقام والعدائية واجابته بمرارة
ايوة عايزة تقرير طبي بحالتي كاملة وآآ.. يا ريت . لو .. لو أمكن ت .. توضح الضرر اللي آآ...
_إشرأب الطبيب بعنقه ليجوب بناظريه الخارج جيدا ليتأكد من عدم متابعة أحد له ثم اعتدل في وقفته واخفض جزعه قليلا وهو يتكلم بصوت خفيض
ماشي انا هعملك تقرير طبي وافي فيه حالتك وحالة الجنين اللي نزل .. وهيكون مفصل فيه آثار الكدمات
والخدوش اللي بسببها خسړتي الجنين يعني هعملك تقرير تاخدي بيه حكم من أول جلسة لوقوع ضرر عليكي !
وكأن بريق الأمل قد تراقص في مقلتيها الدامعتين فتابع بحسم
انا عندي اخوات بنات زيك كده وقريبين من سنك واللي شوفته فيكي محبش اشوفه في اهل بيتي يا مدام ولا في حد أعرفه وعشان كده هساعدك متقليش !
ضغط بكلماته على چرح علاقتها مع أخيها ..
_ فابتلعت حديثه الذي آثار ذاكرتها نحو فعلة أخيها أخيها الشقيق الذي زج بها للتهلكة ودهس مشاعرها بنعل حذاءه قبل أن يتركها خلف ظهره ويمضي
.. في حين رأت ڼصب عينيها نموذجا حيا لا يقبل المساس بأهل بيته فكانت المضاهاة غير عادلة البتة ...
_ وبالفعل كان التقرير الطبي الذي وصف حالتها بالفعل مفصلا وحتى أصغر تفاصيل الإعتداء والإصابات ذكرت به .. كان هذا التقرير هو العضد لها في مسيرتها العدائية والدفاعية ضد زوجها فبه قامت برفع دعوة عاجلة لطلب الطلاق منه ..
واستعانت بمحامية خبيرة بأحوال الأسرة لمساعدتها وقدمت الدعوة في محكمة الأسرة ..
_ وكانت تلك هي أولى خطوات الخلاص منه ..
لم تكل أو تمل فلم يعد هناك جدوى من البقاء مع من إرتضى أن يخدعها وېهينها من أجل الظفر بطفل ذاك الطفل الذي لم يقدر له الحياة ..
مرت الشهور عليها وهي تنتظر حكم المحكمة القضائي بالطلاق منه لوقع الضرر وكأنها أدهر كان محسن في مناصفتها منذ الجلسة الأولى ورفض تطليقها ولكن قضت المحكمة بحكمها وحصلت في النهاية على حريتها .. ولم تكتف بذلك فقط بل أرادت تأمين حياتها لذا لجأت إلى هيئة النيابة الموقرة لتحرر محضرا ضده بعدم التعرض لها بأي شكل كان.
_ ومنذ أن حصلت على حريتها مرة أخرى تركت ما مضى خلف ظهرها وتخلت
متابعة القراءة