رواية مالك

موقع أيام نيوز

اللهجة 
إن قصرت في حقها أو أحزنتها يوما صدقني ستعاني الكثير !
ابتسم له وهو يرد بهدوء 
لا تقلق سأوفر لها كل ما تريده
ربت سلمان على كتف مالك وقال مبتسما 
أنت بالفعل شاب جيد لن أجد من أئتمن عليه ابنتي مثلك ولكن قبل أن تتزوجها عليك أن تعرف بمرضها !
رد عليه مالك بهدوء دون أن تطرف عيناه 
السكري لقد أخبرتي لانا
مط فمه ليقول بتعجب 
هي لم تخف عنك شيء !!
برر له مالك سبب معرفته بمرضها وهو يقول بهدوء 
سيد سلمان لا تنس أني ساعدتك من قبل حينما فقدت الوعي في المصعد
هز سلمان رأسه بإيماءات ثابتة ومتكررة وهو يردد 
أها أذكر ذلك اليوم التعيس لقد كدت أموت ړعبا عليها
ابتسم مالك وهو يكمل بجدية 
اطمئن سأرعاها وأسعدها
رفع سلمان حاجبه للأعلى وهو يضيف 
أنا واثق أنك ستفعل
لم يكن السيد سلمان ليعارض تلك الزيجة بعد تصريح ابنته له بحبها لمالك ورغبتها في الزواج منه ..
هي ابنته الوحيدة وسعادتها هي أسمى ما يصبو إليه 
كانت مسألة تقدم مالك لخطبة ابنته رسميا ما هي إلا أمر صوري ليحفظ لها كرامتها لكنها لم تكن لتأبه بهذا .. هي تريده وتريد حبه ..
كذلك قام السيد سلمان بترقية مالك في منصب أعلى ليليق بوضعه الجديد واجتهد هو ليثبت أنه يستحق تلك الثقة الكبيرة ..
وبالفعل في خلال شهرين كانت لانا تزف إلى زوجها مالك في نهار ذلك اليوم المشمس في تلك الحديقة الجميلة ..
سعادتها كانت لا توصف فهي ستكمل حياتها مع من اختاره قلبها ..
ارتدت خاتمه وظنت أنها ملكت قلبه .. لكنها كانت مخطئة ..
أكثر ما كان يؤلمه أنه لم يشعر بحبها الجارف إليه .. 
كان يحترمها ولكنه لم يتمكن من
مبادلتها تلك المشاعر بصدق ..
مازال طيف الماضي يسيطر عليه ..
ومازالت بقايا عشقها له تتخلل جسده المنهك ..
بذلت لانا قصاري جهدها لتملأ حياته العاطفية لتعوضه عما يعانيه .. ولكنها لم تصل أبدا معه لدرجة الكمال ..
دائما تشعر بوجود تلك الفجوة بينهما حتى وإن كان معها بجسده فقلبه معها .. صاحبة الصورة المنبعجة .. تلك التي يحدق بها في الساعات المتأخرة من الليل ..
تلك التي تراه يبكي في صمت 
ألتلك الدرجة كان يعشقها فلم يستطع أن ير حبها له 
تحملت من أجله وبكت حزنا حينما كانت تختلي بنفسها ..
ألا يرق قلبه لها يوما 
هو كان لطيفا مهذبا يعاملها برفق وحنية لكنها لم تشعر بدفء مشاعره ..
أرادت أن توطد وتعمق حبهما بشيء أخر..
أن تعطيه ما ينسيه آلام الماضي .. فقررت أن تخاطر بحياتها وتجازف بالحمل ..
لقد حذرها الطبيب مسبقا بعدم التسرع في مسألة الحمل لخطورته على صحتها ولكنها لم تهتم .. هي كانت تسعى لإرضائه والشعور بحبه الصادق إليها فقط ولو للحظات ...
كان يجلس شاردا في مكتبه و ممسكا بصورتها ..
وجوم وعبوس يسيطر عليه حينما يتذكر خيانتها له هو أحبها بكيانه وهي تخلت عنه ..
رأته لانا على حالته تلك فاعتصر قلبها آلما وتملكها شعورا بالقهر والعجز .. لكنها حافظت على ثابتها وأخفت ببراعة حزنها ورسمت ابتسامة سعيدة على ثغرها ثم هتفت بمرح 
حبيبي مالك
انتبه لوجودها فأخفى سريعا الصورة في درج مكتبه ثم استدار برأسه ناحيتها ورد بصوت شبه متحشرج 
لانا !
اقتربت منه وهي تقول بنبرة رقيقة 
عندي لك خبرا سيسعدك
نهض عن مقعده وحدق بها بثبات وسألها بجدية 
ما هو 
ابتسمت قائلة بعبث 
خمن !
مط فمه ليجيبها بإبتسامة مهذبة 
مممم.. هل ربحنا الصفقة الأخيرة 
هزت رأسها نافية وهي تقول معترضة 
لا
سألها مجددا بمرح 
هل سنأخذ عطلة 
لكزته في كتفه برقة وهي تعاتبه 
اوه كسول !
حاوطها من خصرها بذراعيه وتنهد بتعب وهو يردد 
لقد فشلت هيا أخبريني حبيبتي !
أمسكت بكف يده الذي يحاوطها فاستسلم لمسكتها ووضعته على وجنتها
ما الأمر لانا 
فغر فمه مصډوما وشعر بيده موضوعة على بطنها فحدق فيها بذهول ثم رفع بصره لينظر نحوها بعدم تصديق ..
تابعت قائلة بنظرات دامعة 
أنا حامل منك !
تنهد بعمق وتلاحقت أنفاسه بعدم تصديق .. وتحولت قسماته الحزينة إلى تعابير مهللة فرحة .. وهتف پصدمة سعيدة 
أنا أب لا يمكن أنا سأكون أبا !
مرت عليها أشهر الحمل بصعوبة بالغة .. كانت ټموت كل يوم من فرط الآلم .. لكنه لا يقارن بآلم قلبها ..
رأت اهتمامه بها خوفه عليها لكنها لم تشعر بعد بحبه الكامل لها ..
هناك ذلك الحاجز الخفي بينهما ..
ذلك الشيء الذي يحول دون إتمام سعادتها ..
أبلغه الطبيب بخطۏرة حملها وصعوبته في الأشهر الأخيرة وربما تأثيره على حياتها خاصة أنها مريضة بالسكري .. فشعر مالك بالذنب الشديد ..
هو دفعها لهذا .. هي يئست من الحصول على حبه وفعلت ما استطاعت لتناله ..
تقرب إليها كثيرا واجتهد ليعوضها عما فات ..
حانت لحظة ميلاد صغيرتها فمنذ أن علمت بأنها ستنجب فتاة وهي تتمنى أن تكون شبيهة لأبيها الذي تعشقه حد الجنون ..
تنهدت في إرتياح لأنها أخيرا قد حظت على اهتمامه الكامل ولم يعد يشرد في صاحبة الصورة ..
بل كان مرافقا لها ملازما لها في كل الأوقات يشاركها أدق التفاصيل ..
ومع ذلك كانت تشعر أن سعادتها مؤقتة .. لن تدوم ..
قلبها ينبؤها بهذا ..
وقبل أن تلج إلى غرفة العمليات طلبت منه أن تتحدث إليه على انفراد ..
تعجب من طلبها فهو دائما معها ..
لكنها أرادت تلك المرة أن تكون صادقة معه ومع نفسها ..
نظرت له بحزن وهي تقول بصوت يحمل الإنكسار 
مالك أنا أعلم أنك لم تحبني حقا
مسح بيده على وجهها وهو يقول بنبرة معاتبة لكن قلبه كان يخفق بتوجس شديد .. فهي قد تعلم ما جاهد لإخفائه 
لماذا تقولين هذا أنا آآ...
قاطعته قائلا برجاء هامس 
دعني أكمل من فضلك
صمت رغما عنه فتابعت مشفقة على حالها 
قلبك ليس ملكك وأنت كنت ومازلت تحبها هي حقا
كانت محظوظة بك !
ترقرقت العبرات في مقلتيها وهي تقول بصوت خفيض 
هي شبح الماضي وأنا
كنت طيف الحاضر فعدني مالك أن تكون ابنتنا هي حب المستقبل !
همس لها بصعوبة وهو يدرك تماما صدق ما قالته 
أنا أحبك لانا !
استأنفت لانا حديثها بنبرة حزينة وهي تتأمله بنظراتها العاشقة 
مالك .. ابنتي هي أقصى ما استطعت تقديمه لك بعد قلبي !
وضع إصبعه على شفتيها لتتوقف عن الحديث وانحنى ليقبل مقدمة راسها وهو يتوسلها هامسا 
لا ترددي هذا الكلام !
تابعت قائلة بصوت مخټنق 
أحبها بقلبك لا تجعلها تعاني مثلي من حب بلا مقابل !
أدمعت عيناه وهو يرجوها قائلا 
لانا أرجوك توقفي عن قول تلك السخافات ! أنا أحبك يا غبية !
ابتسمت له وهي تقول بأسف 
أعلم أنك حاولت
في تلك اللحظة ولج الطبيب إلى الغرفة وهتف صائحا بجدية 
حان الموعد
هزت لانا رأسها ورددت بخفوت 
حسنا !
استشعر من نبرتها أنها تودعه للمرة الأخيرة أنها تعلن عن رحيلها الأبدي عنه فانقبض قلبه پخوف واستعطفها بحنو وهو يجاهد لرسم ابتسامة مطمئنة على ثغره 
لا تقولي هذا أنا سأنتظرك هنا مع ابنتنا لانا !
همست له بصدق وهي تتأمله بنظرات رومانسية لامعة 
أحبك مالك !
وكأنها كانت تعلم أنها النهاية .. فخرج الطبيب بعد برهة ليبشره بميلاد الصغيرة .. ويواسيه في خسارة الأم الجميلة ..
يا لها من فاجعة قضت عليه ..
هي أهدته قطعة منها ورحلت مبتعدة لترقد في سلام تاركة إياه يعاني من جديد مرارة فقدان الغالي ..
إنهار في مكانه باكيا بحړقة و متمنيا لو استطاع إعادة الزمن للوراء ليقدم لها حبا لم يستطع تقديمه بحق في حياتها ..
فإنهارت قواه ومرض بشدة وظل طريح الفراش عاجزا عن الحركة حتى أسلم الروح لربه ...
صدق من قال لا تأتي المصائب فرادى ! 
أصبح مالك بين عشية وضحاها أبا أرملا ومسئولا عن أهم المؤسسات العريقة ..
تولى هو إدارة كل شيء وجاهد للحفاظ عليه فهو وابنته هما الورثة الشرعيين لكل تلك الثروة الطائلة .. وهو لن يضيعها هباءا ..
مرت عليه ليال طوال كابد فيها آلام الفراق والخسارة حتى يراعي كل شيء إلى أن لم يعد بمقدوره المقاومة أكثر من هذا والبقاء بعيدا عن أحبته .. 
فيكفيه تلك الخسارة العزيزة ليستمر في عناده وغربته الموحشة ..
لذا قرر تصفية كل شيء والعودة إلى موطنه للبدء من جديد ...
بكت هي الأخرى تأثرا به ..
آه يا حبيبي لو كنت أعلم ما تركتك لحظة 
وهي ظلمتها معايا حبتني وأنا مقدرتش أقدملها الحب اللي كانت عاوزاه !
أخرج تنهيدة مريرة من صدره مصحوبة بعبرات أكثر غزارة وهو يقول 
كان صعب أنسى كل حاجة بالساهل ! حاولت أكرهك وعملت ده بس .. بس معرفتش .. مقدرتش !
ضغطت إيثار على شفتيها لتمنع شهقتها الحزينة من الخروج .. بينما تابع بآسى 
حبك عڈبني وكسرني أوي يا إيثار ... !!!
صمت لبرهة لينطق بعدها من بين شفتيه خاطرة أخرى كانت سلوى فؤاده المعذب 
وبيأس أنتظر نسمة هواء تحمل عطرك ..
فينعش روحي البائسة ..
فرائحتك دوما تسبقك أينما كنت ..
فتشعلي دون قصد شوقي إليك ...
حقا ... كسرني عشقك ! 
الفصل التاسع والعشرون الجزء الأول 
غطى وجهه بكفيه ثم فركه بهما بقوة وأطلق زفيرا ثقيلا من صدره وحاول جاهدا تخفيف الألم الذي اجتاحه بعد سرد كل تلك الذكريات الموجعة ..
هو يشعر بالإثم نحوها .. فهي أفنت سنوات حياتها الأخيرة له ومن أجله وكل ما رغبته هو رسم السعادة على وجهه.. وحتى وإن كانت تلك السعادة مؤقتة و ستفني عمرها ..
اختارت الټضحية بحياتها من أجل التنعم بلحظة حب صادقة معه .. وهو استشعر عدم أهليته لكل ما فعلته لأجله. 
_ هذا ما زاد من شعوره بأضعاف الألم والذنب حيالها ..
هي كانت ضيفة عابرة في حياته واسته في أصعب أوقاته .. وهو لم يقدم لها سوى الإحترام .. 
لكن أنا مقصدتش أظلمها هي ظهرت في حياتي في وقت كانت
الدنيا كلها مضلمة في وشي. 
_ صمت آذانها قهرا عما تبقى من حديثه هو يشعر بالذنب تجاه زوجته وظلمه لها لعدم مبادلتها الحب وليالي العشق الجميلة .. ذلك أكبر ما يؤرقه ويعذبه !
استنكرت ما يقوله .. ..
نعم ففي نفس التوقيت كانت تعاني هنا من ويلات مضاعفة لا تضاهي في قسۏتها ما عايشه هو ..
و بالنهاية حتى وإن عاش لوعة الفراق والشوق لها فهو لم يذق آلم الإهانة والذل اللذين ذاقتهما وتشبعت بمرارتهما ..
زاد حنقها منه وبغضت وجوده أكثر وأكثر عقب أن علمت ماهية الثلاث سنوات اللاتي مرت عليه خارج البلاد.. 
لقد وصل لمركز مرموق وتزوج بامرأة وهبته حياتها وحبها وأهدته في النهاية طفلة ملائكية .. قطعة جمعت بين أرواحهم ..
أما هي..... 
ماذا وصل بها الحال 
لقد خسړت نفسها وكرامتها وأصبحت مجرد وسيلة وليست غاية لتحقيق مطمع دنيء ..
وفقدت طفلها الذي لم ير نور الأرض ولم تكن تعلم بوجوده بأحشائها ..
هي مجرد حطام .. حطام أنثى !
وعلى حين غرة وجدت كفه يطبق على كفها ليذهب عنها شرودها.. 
فانتبهت له ونظرت لموضع كفه پصدمة
تم نسخ الرابط