رواية مالك
المحتويات
وهو يمازحه قائلا
سيبني أسلم عليها يابابا ولا هتقضيها طول الليل هنا
مبروك ياإيثار صدقيني أنا مبسوط عشانك أوي ياحبيبتي
إيثار وهي تبتسم من زاوية فمها بتهكم كويس إن انبساطك بقى على حسابي
بدت كلماتها كالخڼجر المسمۏم في صدره فجاهد ليحافظ على هدوئه أمامها ورد بحذر
أعقلي ياإيثار السعادة قدامك متسيبهاش وتمشي !
عيشت وشوفتك عروسة ياحبيبتي ربنا يهنيكي يارب !
حك محسن مؤخرة رأسه وانزعج من طول الوداع فصاح هاتفا بعجالة
مش كفاية ياجماعة ولا إي عايز أخد عروستي وأطلع
بكرة هجيلك الصبح إن شاء الله
عمرو مقوسا فمه بإستنكار صبح إي ياماما سيبيهم على راحتهم
_ هز محسن رأسه رافضا لما يقال ثم هتف بنبرة متعجلة
فغرت إيثار فاهها پصدمة ممزوجة بالرفض ...
بينما تساءل رحيم بإستغراب وقد أنعقد حاجبيه بذهول رايحين فين
أجابه محسن بنبرة جافة مسافرين البلد عندي في مانع ولا إي!
رحيم وقد شعر بالحرج وأنه قد تطفل على حريتهما لأ مفيش يابني بنسأل بس !
ابتسم محسن ابتسامة صفراء فبرزت أسنانه التي تغير لونها على أثر النيكوتين وتابع ببرود مراتي يعني وأخدها مكان ماأنا عايز
ولكن لم يكن بمقدورها فعل شيء فأخر ما يمكن أن تصدره هو نظرات معاتبة نحوهم ..
أمسك محسن بكفها وشبك بين أصابعهما ثم هتف بفحيح أرجفها
مش يلا ياحبيبتي
ردت إيثار بإنصياع وهي تجاهد للحفاظ على هدوئها
ماشي
يارب تكون خلصت من همي اللي كان متشعلق فوق كتافك !!!
الفصل الحادي والعشرون
ترقب مالك وصول إيثار إلى فيلته بفارغ الصبر بعد أن قضى ليلته يكافح للنوم ..
لم يذهب إلى عمله اليوم وتعمد التأنق بصورة زائدة عن المعتاد ليوضح لها مدى ثرائه ..
حدق هو بها بنظرات مطولة دارسة لتفاصيل وجهها بدقة متأملا ضحكتها وعفويتها الساحرة ..
تحولت نظراته للحزن .. وتنهد بيأس ..
بالفعل هي تشبه والدتها كثيرا هي نسخة مصغرة منها .. تمتلك عيناها الزرقاوتين وبشرتها البيضاء الناعمة وشعرها الأشقر الذهبي..
في لقاءات مميزة مع زوجته لانا ..
في حب قدمته له دون انتظار مقابل منه ..
في دعمها له في أصعب أوقاته ..
في دعمه والوقوف في ظهره حتى يقف على قدميه ..
في إخلاصها له حتى .......
قطع شروده الحزين صوت الخادمة راوية وهي تقول بهدوء
مدام إيثار موجودة برا
تصلبت تعابير وجهه .. وقست نظراته وتحولت للجدية بعد أن كانت شبه دامعة .
أخذ نفسا عميقا وانتصب بكتفيه ثم استطرد حديثه بصوت صارم
خليها تدخل
أومأت راوية برأسها وهي تقول بصوت خفيض
حاضر يا مالك باشا
في نفس التوقيت كانت إيثار تحاول الحفاظ على هدوئها وثباتها .. فهي مقبلة على أخطر تحدياتها ..
التفتت حولها بنظرات متوترة .. وتمسكت بحقيبتها بقوة وكأنها تحتمي بها ..
ضغطت على شفتيها بإرتباك وحاولت ضبطت أنفاسها المتلاحقة فوجودها هنا يثير أعصابها ويرهق قلبها بشدة ..
كانت دقات قلبها متسارعة بدرجة كادت تصم أذنيها ..
أغمضت عيناها لوهلة لتسيطر على توترها الرهيب ..
اقتربت منها الخادمة ولاحظت حالتها المرتبكة فإنتابها الفضول لمعرفة سبب اضطرابها والتوتر المشحون بينها وبين رب عملها ..
فكلا منهما تتبدل أحواله بدرجة مزعجة فور رؤيتهما لبعضهما البعض..
تنحنحت راوية بصوت خاڤت لتنتبه لها إيثار وأردفت قائلة بابتسامة ناعمة
اتفضلي يا مدام ايثار مالك باشا في انتظار حضرتك في مكتبه
ثم أشارت لها بيدها لتتحرك هي ناحيته ...
استجمعت شجاعتها وحافظت على رباطة جأشها وخطت بثبات ناحية غرفته ..
استعد هو لمقابلتها بثبات عجيب أرعبها نوعا ما حينما رأته بطلته المٹيرة للإعجاب ..
ازدردت ريقها ورسمت إبتسامة ودودة مصطنعة على ثغرها وهمست بصوت خرج متحشرجا رغم وضوحه
السلام عليكم !
وعليكم السلام .. تعالي يا مدام
قالها مالك بصوت آجش متعمدا الضغط على حروف كل كلمة منها
تحركت بخطوات متعثرة للداخل وتحاشت النظر إليه وفضلت التركيز على الصغيرة والتي ما إن رأتها حتى نهضت من مكانها وركضت نحوها وهي تهتف بتلهف بنبرة غير واضحة
م..ما ... ما.. ماما ...ممم..
فهمتها إيثار على الفور رغم تقطعها فهزت كيانها بالكامل ولا إراديا فتحت ذراعيها لتستقبلها فإرتمت الصغيرة في أحضانها ثم ضمتها إلى صدرها ورفعتها عن اﻷرضية ..
تابع مالك المشهد بإستغراب ومع ذلك حافظ على جمود تعابير وجهه ..
مسحت إيثار برفق على ظهر الصغيرة وظلت تهدهدها بحركات خفيفة ..
نهض مالك فجأة عن مقعده فجفلت إيثار من حركته المباغتة .. وجاهدت لتبدو طبيعية أمامه ..
تحرك ببطء نحوها وهو يقول بصرامة
من النهاردة إنتي ملزمة تتابعي بنتي مسئولة عن كل حاجة تخصها !
وقف في مقابلتها وطالعها بنظرات قوية أربكتها وهو يكمل مهددا
أي شكوى أي تقصير هيبقى في حساب عسير !!
ابتلعت إيثار ريقها بصعوبة وردت عليه بصوت خاڤت وهي تتحاشى النظر إليه
حاضر .. يا .. يا مالك بيه
أرادت هي أن تشير بوضوح إلى الفارق بينهما حتى لا تترك لنفسها المجال للتفكير فيه بصورة أخرى .. هو أرادها مربية لابنته وهي ستلبي رغبته .. وستلتزم بكل ما يخص عملها ..
ما أثار فضولها حقا وشغل تفكيرها طوال ليلة الأمس هو رغبتها في رؤية زوجته .. تلك التي شاركته حياته وانجب منها هذه القطعة الملائكية ...
لم تشعر هي باقتراب مالك منها بدرجة خطېرة ارتجف جسدها حينما رأته يميل برأسه نحوها جحظت بعينيها مصډومة وشهقت بصوت مكتوم وتوردت وجنتيها بحمرة ملتهبة .. لكنها تفاجئت به ينحني ليقبل ابنته من رأسها ..
تقلصت المسافات بينهما وشعر هو بحرارة أنفاسها المنبعثة منها دون وعي .. فأغمض عينيه مقاوما تأثيرها ..
وبلا قصد لمس كف يدها وهو يمسح على ظهر صغيرته فشعرت هي بإرتعاشة رهيبة تسري في جسدها ..
كذلك لم يختلف شعوره عنها فقد أثرت لمسته الغير متعمدة فيه وخفق قلبه بصورة مزعجة ..
زاد من جمود تعابيره وتراجع للخلف وتابع بصوت غليظ
لو في حاجة حصلت خلي راوية تكلمني سامعة
أومأت برأسها دون أن تنبس ببنت شفة .. وتمسكت بالصغيرة بقوة ..
تحرك مبتعدا ليخرج من دائرة سحرها الذي مازال يؤثر فيه إلى الآن ..
عاتب نفسه بقسۏة لإنهياره الوشيك من قربها المهلك وتممت مع نفسه بخواطره الشعرية ..
ألا تتركيني لحالي قاتلتي
ففي قربك احتراقي وفي إبتعادك عني هلاكي
...............................
عادت سارة من عملها وهي تطلق سباب متواصل ولاذع لاعنة فيه كل شيء فها هو يوم أخر يمر عليها وهي تهان ويساء إليها خلال
عملها وعليها ألا تشتكي أو تتذمر ..
رمقت رامز النائم على الأريكة بنظرات ڼارية ثم هدرت فيه بصوت غاضب
قوم يا رامز اصحى كده وكلمني
تثاءب بصوت مرتفع ونظر لها بنصف عين ثم رد عليها بصوت متحشرج
يادي القرف ! هو انتي جيتي
صاحت فيه بصوت منفعل وقد تحول وجهها لكتلة من اللهب
قرف ! أما أنا قرف اتجوزتني ليه ضحكت عليا واستغفلتني وجبتني في الهم ده ليه
أجابها ببرود مستفز وهو يوليها ظهره
كنت عاوز فلوس ومكونتش هاعرف أخدها من أبويا غير لما أتجوز
صړخت فيه پجنون وهي تلوح بذراعها في الهواء
إنت أوطى حد عرفته
رد عليها بجمود
الحال من بعضه إنتي نفسك ريلتي عليا أول ما شوفتيني مصدقتي أني طلبتك للجواز وطمعتي فيا اشربي بقى
ثم قهقه عاليا ليثير حنقها أكثر وبالفعل نجح في هذا فأصابها حالة من الإنفعال الشديد وهدرت صاړخة
أنا بأكره نفسي وبألعن اليوم اللي شوفتك فيه واليوم اللي وافقت فيه اتجوزك!
تثاءب بتثاقل وتمتم بصوت ناعس غير مكترث بها
العني براحتك وسيبني أنام !
بصقت عليه وصرت على أسنانها لتقول بشراسة
ربنا ياخدك يا شيخ
رد عليها بنبرة باردة متهكمة
هياخدني وانتي معايا ! ماتتعشميش كتير
ركلت الأرضية اللامعة بقدمها ثم اندفعت للداخل وهي تكمل سبابها ...
........................................
قضت إيثار معظم نهار عملها وهي ترعى الصغيرة ريفان بإهتمام كبير ..
شاركتها اللعب وعلمتها مهارات الحياة الأساسية بمودة وأطعمتها غذائها بحب .. وجلست تسرد لها القصص الطرفية وهي تمشط شعرها بنعومة ..
راقبتها راوية من على بعد بناءا على تعليمات مالك فرأت فيها الأم الحنون ..
اقتربت منها وهي تحمل صينية مليئة بالمشروبات الباردة ثم أسندتها أمامها وهتفت بحماس
أكيد انتي عطشانة يا مدام إيثار أنا عملتلك آآ..
قاطعتها إيثار قائلة بصوت رقيق
قوليلي إيثار على طول مافيش داعي لمدام
ردت عليها راوية بحرج
ودي تيجي بردك
ابتسمت لها إيثار قائلة بود
معلش عشان خاطري !
هزت راوية رأسها ممتثلة لطلبها وهي تقول
حاضر !
ثم بدأت في ترتيب الكؤوس في الصينية لتصب المشروب ..
نظرت لها إيثار بحذر وتردد في سؤالها عن أمر ما فهي منذ تواجدها بالفيلا لم تلتق بزوجة مالك ..
اعتقدت هي في وجود خلاف ما بينهما أو ربما هي لم تعد بعد من الخارج أو مريضة .. دار في رأسها عشرات الأسئلة عنها .. وفي النهاية عقدت العزم على سؤال راوية عنها لذا ابتسمت بهدوء وهي تسألها بتردد قليل
هو .. هو أنا ممكن أسأل سؤال
ردت عليها راوية بمرح
اه اتفضلي
تساءلت إيثار بحذر وهي ترمش بعينيها
فين مامت ريفان أنا مش شوفتها خالص هنا ! هي آآ.. مسافرة
عبس وجه راوية قليلا وتمتمت بحزن
مدام لانا
ارتسم على تعابير وجه إيثار علامات الضيق بعد معرفتها لإسم زوجة مالك وهمست بنبرة شبه منزعجة
هي اسمها لانا
تنهدت راوية بعمق وهي تجيبها
اه الله يرحمها كانت انسانة رقيقة وجميلة
شهقت إيثار مصډومة ووضعت يدها على فمها وهي تهتف بذهول
هي .. هي ماټت !!!!!
هزت راوية رأسها في حزن وهي توضح قائلة
أيوه أصل آآ...
قضمت عبارتها بسبب رنين هاتفها فأشارت بيدها لها وهي تقول بجدية
لحظة هاشوف التليفون
ردت عليها إيثار بتفهم
اتفضلي
وضعت راوية الهاتف على أذنها بعد أن ضغطت على زر الإيجاب وأدرفت قائلة بهدوء
ايوه يا مالك باشا اطمن كل حاجة بخير
صمتت للحظة قبل أن تتابع
حضرتك جاي كمان شوية
أومأت برأسها بإيماءة خفيفة وهي تكمل
تمام الأكل هايكون جاهز
أنهت معه المكالمة ثم أشارت بكلتا يديها وهي تقول بإضطراب
عن اذنك يا مدام ..آآ.. قصدي يا إيثار هاروح أجهز الأكل قبل ما الباشا يرجع
ابتسمت لها إيثار بود وهي تردد
خدي راحتك
عاودت إيثار التحديق في الفراغ بشرود بعد تلك المعلومات المقتضبة عن حياة مالك طوال الفترة الماضية ..
......................................
لاحقا نامت الصغيرة ريفان بعد يوم حافل فحملتها إيثار برفق لتضعها في فراشها ..
ظلت واقفة أمامها تطالعها بنظرات اشفاق ... فهي طفلة يتيمة حرمت من حنان الأم وحضنها في هذا السن المبكر ..
ورغم الآلم الذي شعرت به تجاهها إلا أنه لا يقارن بإحساسها تجاه مالك ..
أشفقت عليه هو الأخر ففقدان عزيز يؤثر بنا بأي حال فماذا عمن شاطرنا جزءا من حياتنا
لم تشعر بوجود مالك معها في الغرفة فقد عاد من عمله
متابعة القراءة