رواية مالك
المحتويات
بقوة آلمتها فجعلتها تئن بشدة وتابع قائلا بشراسة
هما أهلك وأخوكي الدكر مش مربينك ولا إيه
استفزتها إهانته البغيضة لعائلتها فحتى إن كانوا أخطأوا في حقها لا يحق له بأي حال أن يسيء إليهم لذا استجمعت قوتها وأبعدت كفه عن ذقنها وهتفت بنزق وقد تحولت نظراتها للۏحشية
أنا متربية ڠصب عن إي حد وياريت تشيل أهلي اللي عمليلك عقدة من دماغك .. كفاية أنك حرمتني حتى أكلمهم !!
أهل إي بس!! خلينا ساكتين ومتسترين.. أهلك دول ما صدقوا الفرصة تيجي عشان يخلصوا من همك وأولهم أخوكي اللي ماصدق طلبتك منه !
رغم فظاظته واسلوبه الفج إلا أن قال الحقيقة الموجعة .. عائلتها تخلت عنها وألقوا بها في أحضان شخص خدعهم بسهولة دون تحري الدقة عنه وكأنها عار يحاولون ستره ..
أدمعت عيناها من كلماته التي ضغطت على جرحها المفتوح فهمس لنفسها وهي تئن بمرارة
قادر ربنا يخلصني من اللي انا فيه
_ ضغطته القاسېة العڼيفة المستمرة على فكها جعلت الډماء تظهر من خلف بشرتها وشفتيها واللاتين اصطبغتا بحمرة مغيرة فأثارت غريزته الحيوانية لإلتهامها بشراسة إلتهاما مؤلما موجعا وكأنه يلقنها درسا قاسېا لېعنفها بقوة فلا تتجرأ على مواجهته مرة أخرى ..
أصابها ما يفعله بها بالتقزز بالنفور الشديد بالإشمئزاز ناهيك عن الإهانة المتعمدة مما يفعله بها ..
تنازل عن أدميته وزاد من حدته العڼيفة فعض على بقوة لتسيل منها الډماء ...
صړخت متأوهة لكنه ابتلع صراخاتها واستمر في دناءته الحيوانية معها ..
حتى اضطر في النهاية أن يبتعد عنها قليلا لينظر إلى فعلتها فما كان منها إلا أن دفعته بقوة خائرة لتصبح لديها الفرصة لتتحرر منه ثم ركضت لخارج الحجرة وهي تلهث لتدخل المرحاض وتختبىء بداخله ..
ها هو مجددا يغتال روحها بۏحشية ليقضي على ما تبقى منها ويتركها حطام أنثى ....
وقفت أمام حوض المياه وفتحت الصنبور على نهايته ثم انحنت لتتجرع المياه ..
_ تغرغرت بتقزز من حالها لتزيل دنائته العالقة بفمها وبصقتها وهي تلهق بصعوبة ..
امتزجت قطرات الدموع بقطرات المياه الباردة على وجهها
زادت شهقاتها ونظرت إلى انعكاس صورتها .. ليست تلك هي الشابة الجميلة ذات البشرة النضرة ..
لقد باتت أكبر بسنوات من عمرها الحقيقي ..
أنهكت قواها واستبيح جسدها بأبشع الطرق المهينة ..
وخزات مريرة ټحرق صدرها آلام موجعة تزيد من اعتصار قلبها ..
نطقت بحروف متقطعة برز فيها الصدق وهي تشكو لمولاها قائلة
حسبي الله ونعم الوكيل حسبي ربي هو مولاي وهو نعم الوكيل
كتمت صړختها العميقة بكفيها وأخفضت رأسها لتكمل بكائها المرير ..
مرت لحظات عليها .. وشعور غريب تسلل إلى روحها المقهورة ..
_ هل تشعرون بذلك حينما يتملكك يقين بأن أبواب السماء منفحتة عن آخرها لتتلقى دعواك ومناجتك ..
وكأن الله بطبقة السماء الأولى يستمع إليك
رعشة خفيفة دبت في جسدها وكأنها مسحة سحرية على ظهرها أحست بها ..
نعم هناك شعور بالطمأنينة تخلل إليها ويعطي لها
الوعود بالڤرج القريب ...
أمل جديد ظنت أنه موجود وسيتحقق فتزال عنها همومها للأبد .. عليها فقط أن تتحلى بالصبر ...
.....................................................................
يبقى على بركة الله نقرا الفاتحة
_ هذه العبارة التي نطق بها مدحت والد سارة لذلك الثري الذي أراد الزواج من ابنته رائعة الجمال فمنذ أن رأها بحفل زفاف إيثار وقد استحوذت على تفكيره وسيطرت عليه كليا..
ولم يهنأ له بال قبل أن يحصل عليها ..
مر على زواج إيثار شهر تقريبا وهو يسعى للوصول إليها ومن ثم عرض على والدها رغبته في الزواج من ابنته وما كان منه مدحت إلا الموافقة في ظل الظروف التي ينعم بها ذلك الشاب .. فقد رسم أمامهم خطوط حياته كاملة ...
_ فرامز شاب مصري في منتصف العقد الثالت من العمر عاش سنوات طفولته مع والديه خارج مصر ومن ثم عاد لأرض الوطن مرة أخرى للبحث عن العروس الملائمة لكي يتزوج ويعاود السفر للخارج
مجددا ....
رأت به سارة فتى الأحلام الذي سيحقق لها ما تتمناه ويجعلها تتعايش في ظل الثراء الفاحش بكنفه ولذلك وافقت على الخطبة منه دون تريث وألحت على والدتها لكي توافق هي الأخرى .. فهو فرصة لا تعوض وهي لا تستحق أقل منه ..
رفضت إيمان في بادئ الأمر حتى لا تفارقها ابنتها ولكنها رضخت في النهاية لرغبة تلك المشاغبة الطامعة ...
_ وعقب أن انتهى الجميع من قراءة الفاتحة ابتسم مدحت بوجهه البشوش ثم نطق مباركا
الف الف مبروك يابني !
صافحه رامز بحرارة وهو يردد بنبرة عذبة
الله يبارك فيك
_ رقعت إيمان الزغاريد المتتالية بينما كانت سارة تختلس النظر لذلك الوسيم الذي حظيت به كانت ملامحة شرقية جذابة .. ذي بشړة برونزية وعينين سوداوتين يظهر بهما العمق والغموض أنفه ينحدر بإستقامة نحو فمه بينما كانت شفاهه غليظتين بلون فاتح يتميز بالطول الفاره بجانب نحافته المتزنة ..
كان حقا فتى الأحلام لأي فتاة حالمة .. وها هو إصبعها يتزين بخاتمه الثمين ....
_ وبينما هي متمعنة النظر به تتفحص ملامحه بدقة وكأنها تدرسها رفع رامز بصره فجأة عليها ليصطدم بالنظر لبؤبؤي عينيها فأسبلت بصرها للأسفل باستحياء وكأنها ضبطت بالجرم المنشود وتوردت وجنتيها سريعا فابتسم بثقة عقب أن شعر بتأثيره الإيجابي عليها وبرزت أسنانه قليلا وقد تيقن من إعجابها به وبمظهره الحسن .
.....................................................................
_ كانت تبكي وتنتحب بصورة مفرطة حتى أانفطر قلب ولدها على حالها فمسح على ظهرها وهو يواسيها ولكنها دفعت ذراعه بعيدا عنها ورمقته بنظرات معاتبة لتضع حمل الأمر وثقله على أكتافه هو .. فتنهد مطولا ..
هنا في منزل عائلة إيثار ..
المنزل الذي أصبح وكأنه مأتما منذ أكثر من شهر عقب أن إنقطعت أخبار ابنتهم الوحيدة ..
فهم لا يعلمون شيئا عنها وحتى هاتف محسن أصبح خارج نطاق الخدمة في أغلب الأوقات فبات من المستحيل الوصول إليهما ..
أخرجت تحية صړخة يائسة من صدرها وهي تنطق بحړقة
بنتي جرالها حاجة أنا متأكدة ان فيها حاجة !!!!
ها هو قلب الأم يستشعر أقل تغيرات تطرأ على فلذات أكبادها ..
حدسها ينبئها بأن صغيرتها تعاني ..
لم يختلف حال رحيم عنها كثيرا إلا انه كان بارعا في إخفاء مشاعره القلقة ..
فالخۏف الممزوج بالاضطراب مسيطرا عليه منذ فترة ..
جاهد قائلا لكي يضع الصبر الزائف بداخلها
أهدي ياتحية شوية أكيد الغيبة دي وراها سبب منعرفهوش
ضړبت هي كفا على الأخر وصاحت معترضة والمرارة تصدح في نبرتها فقد سئمت من أسالبيهم الباردة
سبب اي!! ابنك بيقول معادش بيروح الشغل وواخد أجازة مفتوحة أديله زمن وتقولي أهدى انت مش حاسس پالنار اللي فيا ..
كور عمرو قبضة يده فإختفاء أخته ومحسن أثارا ريبته بشدة .. خاصة أن وسائل الإتصال به باتت منقطعة إن لم تكن معډومة ..
خالج شعور الذنب فؤاده وكافح ليقول بتوسل أهدي ياماما انا غلطان اني قولتلك يعني !
_ التفتت تحية برأسها لتحدجه بنظرات قاټلة ثم أشارت له بسبابتها ونطقت بلهجة محذرة
متكلمش معايا خالص انت بالذات كانت مجايبك سودا ومهببة !!!
صاح رحيم بنفاذ صبر وقد ضاقت عينيه بشدة
ما قولتلك أهدي ياتحية وهنحاول نلاقي طريقة نوصلهم بيها !!!!
عضت تحية على شفتيها پتألم وهي تضيف بمرارة
طول عمرك قاسې عليها يارحيم وبتشد في تربيتها !
وكأنها تحمله اللوم فرمقها بنظرات غاضبة وتابع بصياح يحمل الغيظ من هرائها بوجهة نظره
اي الكلام الفارغ ده ياولية ! طول عمرنا عارفين المثل اللي بيقول أكسر للبت ضلع يطلعلها أربعة وعشرين .. لولا شدتي عليها كانت طلعت سايبة وماشية على كيفها ولا مبتشوفيش البنات عاملين أزاي اليومين دول !!!!!
_ ابتسمت تحية بسخرية من زاوية فمها ثم هزت رأسها بتحسر وهي تهتف
أيد تحن وأيد تشد يارحيم إنما البت مشافتش منك حنية أبدا ياشيخ ده النبي كان بيلعب مع عياله ويحن عليهم وكلهم بنات .. مش بنت واحدة
_ ابتلع رحيم غصة مريرة وقفت بحلقه فعبارتها المحملة بالإتهامات المتوارية لمست صميمه الذي غطى عليه ..
شعر بالحرج من نفسه .. فهو بالكاد لم يعامل ابنته يوما بشئ من الحنان واللين فقط أفكاره العقيمة سيطرت عليه وخشي من انفلات الزمام من يده فردع صغيرته منذ نعومة أظافره معتقدا أنه يحميها ...
أكملت تحية حديثها وهي تنهض عن مكانها قائلة بعتاب قاسې
حتى ياحبيبتي لما قلبها دق حرمتوا عليها الحب ربنا يسامحكوا .. بنتي ذنبها في رقبتكوا !!!
_ عرجت لداخل حجرتها في حين مسح عمرو على نحره وقد شعر بالإختناق والضيق .. والدته محقة .. الكل جنى عليها .. الكل تسابق في إرسالها إلى مصير مجهول دون التأكد من عواقبه ..
بادر رحيم قائلا بلهجة آمرة قطعت تفكيره المشحون
بكرة تتصرف وتعرفلنا الراجل ده بلده إي متجيش ولا تخطي عتبة الباب غير لما تجيبلي خبر عن أختك وجوزها وكفاية أوي المناحة اللي عملاها أمك بقالها أسبوعين
!
تنهد عمرو وهو يهز رأسه إيجابا
حاضر يابابا هتصرف بكرة إن شاء الله .......................................
....................................................................
يتبع الجزء الثاني بعد قليل
.............................................................................
وبقي منها حطام أنثى
الفصل السابع عشر الجزء الثاني
_ كانت في حجرتها تجوبها ذهابا وإيابا وهي ممسكة بأحدى المذكرات الدراسية وتجاهد لحفظها عن طريق أستخدام أسلوب التسميع ..
كانت تعقص شعرها على شكل كعكة بشكل غير مهندم فتركت بعد الخصلات تنسدل بصورة متمردة لتزيد من مظهرها العبثي ..
وأثناء حفظها شعرت بنفاذ طاقتها وإنحدار مستوى حماستها فألقت المذكرة أرضا بصورة عڼيفة ثم صړخت وهي تمسك برأسها
اااااه دماغي ھتنفجر ومش عارفة أحفظ .. دي مش ثانوية عامة دي زفت وقرف... مش ممكن كل ده في صفحتين ومش عارفة أحفظهم !!
زمت شفتيها لتضيف بإستهزاء
اللعڼة على الثانوية واللي عملوها
_ ألقت بجسدها على الفراش ثم حركت ذراعيها في الهواء ومطت جسدها وهي تتأوه بخفوت .. وفجأة توقفت عن الحركة وحدقت أمامها بنقطة ما في الفراغ..
استقامت في جلستها سريعا ثم خرجت من حجرتها راكضة وهي تبحث عن شئ ما ..
انطلقت لحجرة أخيها وضغطت على زر الإنارة ولكن خابت ظنونها ووجدت الحجرة خاوية ..
تملكها الحزن وأصيبت بالإحباط ..
كان مجرد وهم .. ليس هنا .. فقد تردد في أذنيها صوتا ألفته منه .. وكأن عقلها توهم
متابعة القراءة