رواية مالك

موقع أيام نيوز

عليه هو معرفتها لسبب ذلك الضيق الذي يعتريه ..
فقد انقطعت لحظات التواصل المميزة مع ابنة الجيران وأيضا مراقبته إياه جالسا بالشرفة لساعات ومحدقا بالأعلى .. فتأكدت ظنونها بوجود خطب ما بينهما ..
لذا هداها تفكيرها أن ترسل إليه زوجها ليتحدث معه لعله يفيض إليه بما يحبسه في صدره خاصة وأنه يرفض الحديث معها فتوسلت إليه قائلة 
روح يا ابراهيم اقعد معاه خليه يفضفضلك يمكن.. يمكن يقولك على اللي مضايقه ده أديله زمن على الحال ده !
أجابها ابراهيم بصوت رخيم 
يمكن تعب المذاكرة وآآ...
قاطعته لنبرة متوجسة وهي تهز رأسها معترضة 
لأ الموضوع مش مذاكرة دي حاجة تانية أنا قلبي مايكدبش عليا
تنهد مطولا وتابع بإستسلام 
طيب .. أنا هاقوم
أشوفه
ابتسمت له إبتسامة باهتة وهي تردد 
ربنا يباركلك يا رب ويهديك يا مالك ويريح بالك !
..................................
طرق ابراهيم الباب على مالك ليستأذنه قبل أن يلج للداخل .. فترك الأخير آلة الكمان ورمق زوج عمته بنظرات حزينة وهو يترك الشرفة .. 
جلس ابراهيم على طرف الفراش وانضم إليه مالك ..
ظل الصمت سائدا لعدة دقائق قبل أن يقطعه زوج عمته متسائلا بحنو أبوي 
ايه اللي تاعبك يا بني 
رد عليه مالك بفتور 
مافيش
سأله ابراهيم مستفهما 
إزاي مافيش ده الكل هنا حاسس بيك وآآ..
اقتضب مالك في حديثه قائلا بإرهاق 
صدقني مافيش !
وكيف يخبره بذلك الحزن الدفين الذي بات رفيقه بعد أن حرم من رؤية من أضاءت حياته ..
فلا يمر عليه يوما إلا وبحث عنها بقلبه قبل عينيه بين جموع الطلبة في الحرم الجامعي .. ولا أثر لها .. فيزيد آلمه ويعود يائسا إلى غرفته ثم يمكث بالشرفة معلقا أنظاره بشرفتها لعلها تخرج إليه فتستقبلها عينيه بحنين معاتب لتعذيبها إياه واشتياق جلي لحضورها الآسر ...
ربت ابراهيم على ظهره وشجعه قائلا 
طيب انا عاوزك تركز الأيام الجاية في امتحاناتك وبعدها ربك هيعدلها وهينصلح الحال
ابتسم له مالك ابتسامة باهتة وأجابه بإيجاز 
إن شاء الله !
...........................................
أحضر محسن طعاما جاهزا وأسنده على مكتبه وهتف متحمسا وهو يفتح العلب المغلقة 
قوم مد ايدك يا عمورة حاجة أخر حلاوة !
رد عليه عمرو بفتور وهو يرص الملفات فوق بعضها البعض 
ماليش نفس !
أصر محسن قائلا 
لالالا مش هاسيبك النهاردة ده أنا عازمك يا سيدي
هز عمرو رأسه معترضا وهو يكمل بنبرة محبطة 
متشكر يا محسن والله ما عاوز حاجة
ضيق محسن عينيه ونظر له متفحصا وجهه وسأله مستفهما 
الله ! انت مالك بالظبط بقالك فترة أخد جمب ومش زي تملي !
رد عليه بإقتضاب 
عادي
وقف محسن قبالته ورمقه بنظرات دقيقة وهو يستأنف حديثه 
لا مش عادي خالص ده انا صاحبك ولا تكونش مكسوف مني
لوى عمرو ثغره وهو يجيبه بجمود
ماتقلقش كله بيعدي
انحنى محسن عليه وسأله هامسا
وهو يضرب مؤخرة رأسه 
انت عاوز فلوس مزنوق في قرشين أنا رقبتي سدادة وآآآ...
قاطعه عمرو بجدية 
مستورة والحمدلله
سألها بفضول أشد وهو يحدجه بنظرات غامضة 
اومال في ايه بس 
زفر عمرو بصوت مسموع مرددا 
الحاجة تعبانة شوية
اعتدل محسن في وقفته وضاقت عينيه بلؤم وهو يهتف بعتاب زائف 
تعبانة !!! ألف سلامة عليها ومتقوليش ! عيب عليك يا راجل
التوى فمه مجيبا إياه بإمتعاض 
يعني أهو الواحد كان ملبوخ معاها !
سأله محسن بإهتمام 
طب هي عاملة ايه الوقتي وديتوها للدكتور أنا أعرف واحد شاطر أوي وآآ...
قاطعه عمرو بجدية 
اطمن هي بقت أحسن !
تابع محسن قائلا 
أنا ليا عندك حق عرب بقى تخبي عليا حاجة زي دي ده الست الوالدة زي أمي بردك
معلش
أضاف محسن بخبث 
طب اسمحلي هارزل عليك واجي بنفسي أشوف الحاجة وأطمن عليها
رد عليه عمرو مبتسما 
تأنس وتشرف
إلتوى ثغر محسن بمكر وهو يضيف 
الله يخليك يا رب وبعدين عيادة المړيض واجب ولا ايه ............................... !!!!!
.
الفصل السادس عشر الجزء الأول 
أدخلني حبك سيدتي مدن الأحزان
وأنا من قبلك لم أدخل مدن الأحزان
لم أعرف أبدا أن الدمع هو الإنسان
وأن الإنسان بلا حزن ذكرى إنسان 
شهقت إيثار مصډومة ودبت رعشة قوية في أوصالها حينما وجدت ذراعي محسن تطوق جسدها وتحملها فجأة ..
توترت من قربه الشديد وشعرت بالنفور من نظراته الجائعة التي تكاد تلتهمها حية دون أن ټلمسها ..
كذلك شعرت بالإشمئزاز من أنفاسه اللاهثة التي ټحرق وجنتيها كأنها ألسنة اللهب ..
بعد أقل من عدة دقائق وصل بها إلى باب منزلهما أو ما أسمته سجنها الأبدي وهو يتحرق شوقا للتنعم بجمالها الملائكي ..
فتح الباب وهمس بنبرة خشنة 
خشب برجلك اليمين يا عروسة
ازدردت إيثار ريقها المرير بصعوبة وانحنت لترفع أذيال فستان عرسها وولجت للداخل بخطوات بطيئة متثاقلة ..
جابت بنظرات خاطفة وسريعة للمكان من حولها تأملت الصالة بنظرات أكثر دقة محاولة تذكر ما فعلته لترتب الأثاث ..
ولكن باءت محاولتها بالفشل فهي كانت شاردة معظم الوقت تساق كالمغيبة وترك أغلبية الأمور لأمها وأخوها ..
فاقت من غفلتها السريعة على صوت صفق الباب پعنف فانتفضت مذعورة بجسدها وأدارت رأسها للخلف لتنظر إلى محسن الذي كان يحاصرها بنظراته الجريئة ..
التوى ثغره بإبتسامة صفراء وهو يقول 
نورتي بيتك يا حلوة والليلة ليلتك يا قمر ! أظن بقى مافيش أحلى من دي ليلة !!!!
ثم زاد من نظراته الوقحة نحوها ..
شهقت مصډومة من أسلوبه الفظ في الإشارة إلى ليلة عرسهما ..
ضاقت نظراتها نحوه وهمست بصوت شبه متحشرج 
أنا هاغير هدومي الأول
مش عاوزة مساعدة
قالها محسن وهو يتقدم صوبها فتراجعت مذعورة للخلف .. وهزت رأسها معترضة بإصرار وهي تقول بهلع قليل 
لأ .. أنا هاتصرف مع نفسي
رمقها بنظرات غامضة قبل أن يرد عليها بمكر 
وماله خدي راحتك يا عروسة ما انتي معذورة لسه مش واخدة عليا !
سارت مسرعة نحو غرفة النوم وهي تعض على شفتيها قهرا .. وفكرة واحدة مسيطرة على عقلها كليا .. أن أخيها قد زج بها في تلك الکاړثة بلا رحمة ...
أغلقت الباب خلفها واستندت بكفها عليه قليلا محاولة السيطرة على نوبة البكاء التي تهدد بالإنطلاق في أي لحظة .. أغمضت عينيها بقوة ونكست رأسها حزنا ..
لم تكن هي ليلة عرسها التي تخيلتها ولطالما حلمت بها ولم يكن محسن هو فارس الأحلام الذي انتظرته بعشق لتتوج قصة حبهما بالزواج ..
أخذت تتنفس بعمق في محاولة بائسة منها لنفض ذكريات الماضي عن عقلها .. والتطلع إلى مستقبلها المجهول مع شخص بالكاد عرفته ..
تحركت بتثاقل للأمام فوقعت عينيها على الفراش .. فتسمرت في مكانها مشدوهة ..
تذكرت كلمات والدتها المقتضبة حول ماهية ليلة الزفاف وما على العروس من فعله لتنال رضاء زوجها وتوقعه أسير غرامها ...
فإنتابتها حالة من الإرتباك الممزوجة بالړعب.. تنفست ببطء لتسيطر على إنفعالاتها المتوترة ..
ثم بحذر شديد أزاحت حجاب رأسها عنها ..
مدت يديها للخلف لتفك السحاب الخاص بفستانها ولكن انتفض جسدها فزعا حينما رأت محسن يقتحم عليها الغرفة دون سابق إنذار ..
تراجعت بړعب للخلف وحدجته بنظرات ڼارية وهي تصرخ فيه معنفة إياه 
في ايه إنت ازاي تدخل عليا كده
برقت عينيه بشرر مخيف وهو يرد عليها بنبرة حادة 
جرى ايه يا حلوة مش إنتي مراتت ولا أنا غلطان !
ابتلعت ريقها بصعوبة وهي تهمس برجاء
لو سمحت أنا محتاجة آآ...
قاطعها وهو يهجم عليها مطوقا إياها من خصرها بذراعيه وكأنها فريسة قد وقعت في شباكه 
أنا مش قادر أصبر أكتر من كده
حاولت إيثار دفعه بقبضتيها من صدره وقد بدى النفور واضحا على تعابير وجهها وتوسلت له بنبرة مخټنقة 
لو .. لو سمحت أنا محتاجة أخد الأول عليك اديني فرصة آآ...
قاطعها قائلا بهمس فحيح وهو يحاول تقبيلها رغما عنها على وجنتها 
تاخدي عليا ! هو احنا لسه هنتعرف ده انتي مراتي !
زاد شعورها بالإشمئزاز والغثيان من قبلاته المتتالية التي ټحرق روحها قبل بشرتها واعترضت پخوف وهي تتلوى بجسدها 
سيبني !
زاد من قبضتيه حولها وعمق من تقبيله إياها بصورة أعنف وهو يقول لها بنبرة غاضبة 
انتي بقيتي مراتي وحلالي وأنا من حقي أعمل اللي عاوزه فيكي
ثم أطبق عليها أكثر بذراعيه حتى كادت تشعر أن عظامها ستحطم مما يفعله بها وصړخت مستغيثة 
لأ .. ابعد عني !
أغضبه بشدة نفورها منه وهتف وهو يصر على أسنانه بغلظة 
الظاهر إن حبيب القلب لسه في بالك !
ارتعدت من أسلوبه العڼيف ومن نظراته الممېتة المسلطة نحوها وتحركت شفتيها قائلة دون أن تنطق
م.. مالك !
وكأنه قرأ ما قالته في صمت فإهتاج بشدة وزاد عنفه نحوها وهو يصيح پجنون 
أنا هاعرفك مين هو محسن ! إنتي مش متجوزة عيل !!!!
دفعها بقوة للخلف لتسقط على الفراش فصاحت پذعر ثم ألقى بنفسه عليها ليزيح عنها فستانها غير عابيء بصړاخها ولا ببكاءها ...
قاومته بشراسة لكن إصراره بإفتراسها كان يزداد مع كل مقاومة منها نجح
في نزع فستانها عنها فكشف عن جسدها وانتزع پعنف ما بقي من ثيابها التحتية لتصبح هي تحت رحمته ..
لم تجد منه إلا العڼف المفرط معها ..
حاول إخضاعها لرغباته متجاهلا توسلاتها ..
لم تهدأ ثورته الهائجة للحظة معها .. فإصراره على تملكها كان يزداد بإثبات رجولته عليها ...
تمزقت روحها مع ما كان يفعله بها ..
لم تستطع المقاومة .. فالآلم بات أكبر من قدرتها على التحمل ....
اڼهارت قواها تماما وخارت روحها مع ارتخاء جسده ..
بكت بحړقة وأغمضت عينيها قهرا وخزيا .. فها قد تدمرت أخر أحلامها الناعمة .. وحل محلها ذكرى أخرى بائسة لن تمحى من ذاكرتها ..
طالعها محسن بنظرات مطولة ممررا عينيه على كل تفصيلة في جسدها البض وهو يهمس لها بصوت أصابها بالغثيان 
انتي ليا وبس !
طبع على جبينها قبلة عميقة ثم وضع يده على فكها ليدير رأسها نحوه وإنهال عليها بقبلات أخرى أصابتها بالإختناق ..
كم کرهت وجودها معه كم احټرقت شفتيها بسمه الذي يبثه فيها مع كل ينالها منها ..
أخذت تئن بصوت مكتوم وهي تكافح لإلتقاط أنفاسها ..
أرادت أن ينتهي هذا الکابوس .. لكن أبت آمالها ألا تتحقق .. وظلت في عرض مستمر حتى لم تعد تشعر بشيء ...
مر الوقت بطيئا عليها حتى وجدته قد تراجع مبتعدا عنها لينهض تاركا الفراش وهو يتمتم بكلمات لم تتبينها ..
لم تتحرك قيد أنملة كانت كالصنم .. روحها تحترق وجسدها يئن من لمساته المقززة عليها ..
جفت عبراتها بعد ساعات من البكاء المتواصل ..
وأغمضت عينيها مستسلمة لأوجاعها التي بدأت للتو ..
................................................
رست السفينة على رصيف الميناء ليبدأ ركابها في التحرك نزولا منها ..
تملك مالك إحساسا غريبا بالغربة لمحة من الحنين الممزوج بالضياع قد بدأت تتغلل فيه ..
هو متيقن أنه فعل الصواب برحيله وبقبوله لعرض صديقه بالسفر إليه والعمل في تلك الوظيفة الشاغرة ..
كانت الفرصة الوحيدة لكي يبتعد عن أوجاع الماضي عن تلك الذكريات الآليمة التي أصبحت كظله ..
أكثر ما آلمه هي نظرات الفراق مع عائلته الغالية ..
وما أوجعه هو اعتقاده بخېانة إيثار له وتخليها عنه بتلك السهولة ..
اعتصر قلبه بشدة من ذكراها .. وشد من قبضة يده الممسكة بالدرابزون المعدني وهو يتحرك نزولا
تم نسخ الرابط