إمرأة العُقاب بقلم ندى محمود

موقع أيام نيوز

كويس 
مسح على وجهه وهو يتأفف بقوة وبنفاذ صبر ليسأل للمرة الثالثة على التوالي 
_ آخر مرة هسألك .. إنتي فين 
جلنار بعناد وبنظرة متشفية 
_ مش هقولك ياعدنان وخليك كدا عشان تجرب الاحساس اللي كنت هتخليني احسه لما تاخد بنتي مني ولما تعرف أن الله حق وإنك أناني ومش بتفكر غير في نفسك سعتها هبقى اقولك احنا فين 
ولما تنتظر أن تستمع لرده الذي كان سيستمر في صياحه عليها حيث ضغطت على زر إنهاء المحادثة والقت بالهاتف على الفراش ثم عقدت ذراعيها أمام صدرها وقالت بابتسامة متشفية ومتغطرسة 
_ احسن أنت تستاهل أصلا تقعد محروم من بنتك كدا لفترة عشان تبطل نرجسيتك دي خليك على ڼار لغاية ما تتربي شوية .. مبقاش أنا جلنار الرازي أما ربيتك ياعدنان
بينما هو فألقي بالهاتف پعنف على سطح المكتب وهتف بوعيد حقيقي وهو يجز على أسنانه بغيظ 
_ ماشي ياجلنار وحياة أمي لأوريكي النجوم في عز الضهر بس الاقيكي
في مساء ذلك اليوم....
تتابع الطريق بصمت من نافذة السيارة .. وكل آن وآن تلقى نظرة خاطفة على الجالس بجوارها في مقعد القيادة لا تصدق أنها قضت اليوم كاملا معه تساعده في كل شيء ويتبادلون أطراف الحديث بتلقائية لم تكن تصدق أنها ستتحلى بها أمامه .. رغم أنها كانت ساعات مرهقة للأعصاب إلا أنها سعدت جدا بها وبقربها الجديد منه .. وكعادته كان لطيفا ومرحا يشعر بارتباكها منه فيحاول امتصاصه بشكل غير مباشر حتى تمكن بالأخير من فك قيود حيائها ! .
سمعت صوته الرخيم ليجذبها من شرودها 
_ زينة تلفونك بيرن !! 
انتبهت لاهتزاز هاتفها في يدها وصوته الصاخب فأجابت فورا على والدتها 
_ أيوة ياماما 
_ إنتي فين يازينة .. ليه اتأخرتي كدا ! 
نظرت لآدم بابتسامة صافية ثم أجابت على أمها بصوت خاڤت 
_ كنت مع آدم يا ماما في المعرض

________________________________________
وجاية في الطريق أهو معاه 
_ طيب ياحبيبتي وسلميلي عليه أوي الندل ده 
وصل صوتها في الهاتف إلى أذنه فقهقه عاليا وقال بصوت عالي حتى يصل لها 
_ ربنا يخليكي ياخالتو ياحبيبتي .. جهزي عشا حلو بقى من إيدك الحلوة عشان الندل هيتعشى معاكم النهردا 
انزلت زينة الهاتف وفتحت مكبر الصوت ليسمع صوت خالته وهي تقول بفرحة 
_ ده بجد ياولا .. تتحسد يا آدم من عنيا هجهزلك احلى عشا وخلي أسمهان تولع فيا وفيك بقى 
_ لا متقلقيش عدنان وفريدة هيتعشوا معاها النهردا مش هتتعشى وحدها 
_ طيب الحمدلله .. يلا توصلوا بالسلامة 
أعادت زينة الهاتف إلى أذنها وودعت والدتها ثم اغلقته وبذهنها صراعات عڼيفة ستقضي المزيد من الوقت معه وهذا يعني المزيد من الاضطراب .. جذبها بصوته للمرة الثانية ولكن بنبرة متعجبة 
_ إنتي لحقتي تسرحي تاني يابنتي ! 
ابتسمت وهتفت بتلعثم 
_ م.. معلش أصل بفكر في كام حاجة فعشان كدا سرحت .. صحيح قولي مفيش أخبار عن جلنار وهنا يا آدم 
تنفس الصعداء وهتف بعبوس 
_ للأسف مفيش .. محدش عارف يوصلهم وعدنان من كتر الهم والزعل بقى شخص تاني تماما 
زمت شفتيها وقالت بإشفاق 
_ طبيعي هو متعلق بهنا أوي وجلنار غلطانة جدا في اللي عملته 
آدم بخنق 
_ أنا رغم ضيقي منها وڠضبي على اللي عملته إلا إني برضوا مديها العذر وشايف إن عدنان يستاهل يجرب بعده عن بنته بيتعب إزاي بعد ما كان عايز ياخد بنتها منها
________________________________________
أصدرت زينة زفيرا حارا وقالت بنبرة رقيقة وكلها ثقة 
_ هترجع أنا واثقة هي شكلها بس محتاجة تاخد شوية وقت عشان تعرف هتتصرف إزاي بعدين مع أخوك 
خرجت تنهيدة قوية من آدم وهو يجيب بتمنى 
_ يارب يازينة .. البنت المفعوصة الصغيرة وحشتني أوي والله
طالعته بابتسامة واسعة في حب غير منتهبة لنظرتها وسرعان ما اشاحت بوجهها للجهة الأخرى بتوتر بعدما وجدته لاحظ نظرتها .
قبل أربع سنوات ....
_ في عريس متقدملك 
لاحت بشائر الابتسامة العريضة على شفتيها لترد على أبيها بحياء بسيط 
_ عريس مين ده يابابا 
خرج صوت نشأت خشن وصلب 
_ عدنان الشافعي 
سكنت للحظات تستعيد ذلك الاسم في ذاكرتها .. أين سمعته ومتى رأته ! فقذفت صورته في ذهنها فورا ولترتفع الصدمة على محياها وهي تقول 
_ مش ده اللي كنت شريك معاه في صفقة من فترة .. واعتقد أنه متجوز صح ! 
هز رأسه بإيجاب وقال بحزم 
_ آه بس مراته مش بتخلف 
تمتمت جلنار بنظرات كلها ريبة وحيرة من طريقة أبيها وهدوئه الغريب 
_ وإنت بتعرض عليا حاجة زي إزاي يا بابا أنا لا يمكن اوافق واتجوز واحد متجوز
يبدو أنها فهمت صيغة الحديث بشكل خاطيء فهو لم يكن يعطيها حرية
الموافقة أو الرفض بل كان يخبرها بما سيحدث خلال الأيام القادمة .. فرصة كهذه مع إمبراطورية الشافعي
تم نسخ الرابط