نوفيلا حب صحفي بقلم فاطمة الالفي

موقع أيام نيوز


بسبب نطقها المتلعثم وخوف ورهاب من المجتمع فتاة في السابعة من عمرها الآن تواجهه كل هذه المعاناة وترفض الخروج من قوقعة والدتها الحياة بالنسبة إليها هو والدتها فقط هذا كل عالمها.
استمع له الطبيب بكل اهتمام وارتسمت على محياه السام والحنك بسبب ما تعرضت له الطفلة من عوامل نفسية ادت لهدم ثقتها بنفسها وجعلها منطوية على حالها رافضة التعامل مع الآخرين تتعرض للتنمر ولذلك تخشى الاندماج مع زملائها طفلة محطمة من الداخل والخارج فماذا سيحدث لها عندما تكبر سوف تتفاقم المشكلة وتصبح مشكلات فقيمة يصعب التشافي منها.

هز رأسه بأسى وخيم الحزن والشفقة على ملامحه ثم قال 
الطفلة تحتاج لجلسات علاج نفسي يا يوسف تحتاج دعم نفسي ومعنوي كل ما حدث لها وهي في هذا العمر صعب التحمل وهذا كله فوق طاقة الطفلةاحضرها لي غدا وسنبدا معها جلسات الدعم النفسي
قال يوسف بهدوء بعد أن أسترد أنفاسه المتلاحقة بسبب ڠضبة وهو يسرد ما تعرضت له الصغيرة
ونهض يصافحه قائلا
حسنا شكرا لك كثيرا على سماحي بهذه الفرصة وسوف أجلبها معي غدا ان شاء الله
بادله المصافحة وقال بلطف
لا داعي للشكر هذا واجبي كطبيب سررت بمقابلتك
شعور بالارتياح احتاج جسده بعدما غادر عيادة الطبيب وقرر الذهاب إلى ندا لاخبارها بالأمر وهو في طريقه قرر ان يتباع لعبة لصغيرته نور
وقف ينظر لمتجر الألعاب بحيرة فهو لا يعلم ما هي الألعاب المحببة لدا الصغيرة جال بعينيه داخل المتجر
لتقع عيناه على مجموعة من المجسمات لبازل خاص بالحيوانات والطيور فقرر جلبها ثم أعطى الفتاة مبلغا من المال ووضعت المجسمات داخل صندوق كبير خاص بالهدايا حمله يوسف ثم غادر المتجر ليوقف سيارة تقله إلى منزل ندا..
وفي غضون ثلاثون دقيقة كان يترجل من السيارة وهو يعطي السائق نقوده وسار بخطوات واسعة يدلف مبنى البناية صاعدا إلى الطابق الثاني ثم وقف أمام الباب ينتظر ان تفتح له ندا بعدما قرع الجرس..
في ذلك الوقت كانت قد انتهت من اعداد الطعام وذهبت إلى غرفتها لتبدل المنامة التي كانت ترتديها وانتقت ثيابا باللون الفيروزي ويحاوط خصرها حزاما ابيض وارتدت أعلاه حجابا رقيقا باللون الأبيض وكانت ترتدي خف منزلي وعندما غادرت غرفتها استمعت لرنين جرس الباب اسرعت في خطواتها لتفتح للطارق فهي تعلم بأن القادم يوسف..
فتحت له ببسمة رقيقة ترحب بقدومه
مرحبا شقيقي العزيز
تبسم لها وقال بمرح
مرحبا أيها النكدية البائسة
علت صوت ضحكته على طرفته فهي تعلم انه يمزح معها ليجعلها تبتسم حقا وتنسى حزنها وآلمها
تلفت يوسف حوله وقال
أين ملاكنا الصغير
أشارت له بالدخول ورفعت عينيها حيث مكان بيت الألعاب ليرا نور وشقيقته داخل المنزل اقترب منها وعينيه تشع بالفرحة وهو يستمع لضحكتها الرنانة التي هزت قلبه فرحا وطربا
ظل يطالعها بحب فقد كانت مثل الملاك حقا بيضاء البشرة بعيون تلمع كالشمس وشعرها كسلاسل ذهبية كل من ينظر لها يتسلل حبها داخل قلبه من الوهلة الأولى كيف لا وهي طفلة جميلة رقيقة هادئة الملامح عندما شعرت بتلصصة عقدت حجبيها البنية وزت بجسدها بجانب البيت خرجت مريم اولا
ولكن ظلت عين يوسف تراقب الصغيرة باحتواء يود معانقتها وجذبها لاحضانه يربت على ظهرها بحنو ودفء يغمرها بمشاعر هي تفتقدها مشاعر الابوية التي سلبت منها قسرا وقوة وتجبر فقدت مشاعر هي بأمس الحاجة إليها مشاعر حرمها القدر منها بسب اب قاسې متبلد المشاعر والأحاسيس نزع من قلبه الرحمة..
سارت الصغيرة واختبئت خلف والدتها وهي تتشبث بقبضتها الصغيرة ثوبها من الخلف كادت دموعه أن تنهمر بسبب ما حدث للصغيرة من مجرد رؤيتها لرجل غريبا عنهن شعور بالحزن العميق تراكم داخله من شدة الظلم والقسۏة التي وقعت بها الصغيرة ضحيته.
دار يوسف حول ندا وهو عازم نيته على أن لا يترك الصغيرة تبعد عينيها الساحرتين الجميلتين عنه وجلس القرفصاء بجوارها ليشعر باهتزاز ساقيها من خلف ثوبها الأبيض الملائكي زفر أنفاسه بضيق يود ان يضمها لصدره ولكن خۏفها يمنعه من تلاشي هذا الخۏف همس بصوت خاڤت وهو يرفع صندوق الهدايا
أميرة ديزني كيف حالك
لم تجيبه ولم تتطلع له شعر بوخزة داخل قلبه ولكنه أصر على كسر الحاجز الان وليس بعد.
ما رايك في فتح هذا الصندوق ثم اردف قائلا 
يوجد داخله شيء خاص بك يجب أن تفتحيه بنفسك
ثم قال وهو يضرب بباطن كفه أعلى جبينه في حركة مصطنعة لجذب انتباهها 
يا الهي لقد نسيت أن أخبركي بأسمي أنا يوسف شقيق مريم ووالدتك أيضا
دارت له تنظر بطرف عينيها العسلية المتوهجة ببريق لامع شقت الابتسامة ثغره وعاد يكرر على مسامعها 
بالفعل ندا شقيقتي ثم رفع وجهه يطالع ندا بعتاب مصطنع 
إلا تخبري ابنتك بأن لديها خال يدعى يوسف
هزت ندا رأسها نافية بخفة وقالت مازحة
لا نسيت ان أخبرها بخالها المشاكس
اتت والدتها في ذلك الوقت ترحب بوجوده
أهلا ومرحبا بك يا بني
ترك يوسف الصندوق بجوار نور واستقام واقفا يمد يده يصافحها بلطف وهي ربتت على كتفه في حنو ودعته لجلوس لتناول الطعام
والتف الجميع حول الطاولة الصغيرة المستديرة ووضعت ندا الطعام ولكن كان يوسف منشغلا بالطفلة التي من حين لآخر تلقي عليه نظرة خاطفة وهو يستغل ذلك ويراقبها يريد مشاكستها وعندما يمسكها تتطلع له يرسل لها بسمة حانية وغمزة مرحة يود فك الحاجز الجليدي الذي بينهما يريد أذابته بحنانه وعفويته.
كانت جلست الطعام لا تخلو من المرح والضحك وانسجمت والدة ندا بالحديث مع يوسف شعر يوسف أيضا بالالفة والمحبة وكأنه جالس وسط عائلته فتلك السيدة تذكرة بطيبة والدته وعفويتها في الحديث من يجلس معها يظن بأنه يعرفها من قبل..
بعد انتهاء الطعام نظر لندا قائلا
سلمت يداك الطعام مذاقه لذيذ 
بالهناء والعافية
قالتها ندا ليوسف وهي تفرغ مائدة الطعام ولحقت بها مريم تساعدها في إعداد الشاي استأذنت والدة ندا بأن تصلي فرضها وظل هو ونور يرمقان بعضهما بنظرات خاطفة.
نهض عن مقعده وذهب لجلب الصندوق وعاد ثانيا ولكنه جلس بالمقعد المجاور ولها ووضع الصندوق أمامها أعلى الطاولة وبدأ في فتحه وأخراج ما به من ألعاب تحت نظرات نور المنبهرة.
قال ليطرد الخۏف من داخلها
تفضلين الطيور أم الحيوانات
كانت أنظارها مصوبة أتجاه الهرةالقطة
ترك أمامها بازل الحيوانات ووضع أمامه الآخر وتركها تفعل ما يحلو لها ثم اخرج هاتفه وتصنع الانشغال به ولكن حدقتيه لن تغادر تعلقهما بالصغيرة التي خطفت قلبه من نظرتها البريئة وطلتها الخجولة التي تشبه والدتها ظلت مقلتيه محاصرة لها وهي تضع البازل بخفة وتبتسم بفرحة صامتة على إنجاز اتمته.
انت ندا تحمل صينية التي بها أكواب الشاي الساخن التي تتصاعد ابخرته وجلست بجانب يوسف ثم أعطته الكوب خاصته
وجلست مريم بجانب الصغيرة تشاركها بحماس طفولي
اخرج يوسف تنهيدة حاړقة من أعماق صدره ثم دنا من ندا قائلا
اريد التحدث معك بأمر هام
هزت رأسها بالايماء ونهضت عن مقعده وهي تشير إلى الصالون
نجلس هنا أفضل
حمل عنها أكواب الشاي وسار خلفها ثم وضعهم أعلى المنضدة الصغيرة التي توجد بمنتصف غرفة الصالون واراح جسده بالمقعد ثم قال بصوت خاڤت لكي لا تسمع الصغيرة الحوار الذي سيدور بينه وبين والدتها.
ذهبت إلى طبيب نفسي أعرفه واخبرته مقتطفات عن حياة صغيرتنا وهو أخبرني بضرورة المعالجة النفسية والجلسات الدعم النفسي والمعنوي وهي بهذا العمر قبل أن تتفاقم ويصعب علاجها فيما بعد
اغرقت عينيها الدموع أستطرد حديثه قائلا
ندا تماسكي يا فتاة من أجل الصغيرة أعدك بأن الأمر سيمر لا داعي لكل هذا القلق سوف تتحسن حالة نور ونحن جميعا جانبها وان شاء الله سوف ناخذها في نزه بالاقصر ولكن يجب مراجعة الطبيب اولا سامر عليكن غدا في الموعد الذي حدده الطبيب ونذهب سويا لا تقلقي يا حمقاء وابتسمي لتشرق الشمس
لاحت شبه ابتسامة بجانب ثغرها وهي تطالع ابنتها بعيون دامعة ترثي لها حالها
عاد صوت يوسف يتردد في أذنها قائلا
كل مر سيمر
وغدا ستتفتح الزهور ويهل علينا الربيع وتغرد الطيور وتحلق في الأفق وسنرفرف بجناحين من فرط السعادة القادم أفضل فلا تحزني يا تؤام روحي..
بعد مغادرة يوسف ومريم منزل ندا جلست مع والدتها تقص عليها ما فعله يوسف من أجل ابنتها وهي بحاجة إلى متابعة الطبيب لكي تتعافى تماما وتنقلع تلك العقدة النفسية من جذورها.
اشفقت السيدة زينب على حالة حفيدتها وما تمر به من معاناة وكلما نظرت لابنتها كسا الحزن وجهها تشعر بالندم فهم من أختاروا لها ذاك الشاب ظنا انه الشخص المناسب ولكن بعد الزواج اتضح عكس ذلك تماما كما أنه يربطهما به صلة قرابه من ناحية الأب وعند زواج ندا لم يعترض أحد تلك الزيجة التي حدثت سريعا في غضون أسابيع لم تستطع ندا التعرف عليه ولا فهم شخصية ولم يحدث تقارب بينهما فكريا ولا معنويا كانت مثل السلعة التي ابتاعها كما يبتاع السچائر والمخډرات خاصته عاملها كاثاث داخل المنزل لن يقبل منها حديثا ولم يأخذ برأيها في شيء خاص بحياتهما سويا لم يخطط لمستقبل أسرته ولم يسعد بخبر حملها أيضا طفى داخلها بريق السعادة والفرحة وجعل منها عجوز وهي في ريعان الشباب حطم طموحها ودعس كبريائها أسفل قدميه وظل ينظر لها بتلذذ وهي تذبل يوما بعد يوم أختفت ضحكتها وعبث وجهها بالحزن كما شحب جسدها وهزل بريق عينيها الذي كان دائما يشع بالأمل تحول لدموع متحجرة ترفض الإفصاح عن مكنونها عاشت مآساة حقيقية في كنف زوج نرجسي يعيش على تحطيم شريكته يدفنها بالحياة داخل سجنها كالعصفور الذي حبس داخل قفصه ولم يعد قادرا على الطيران لانه كسر له جناحيه ولم يكتفي بذلك حاول نزعها وسلبها من بين عائلتها واصدقائها وأنهت كل علاقاتها القريبة كانت او البعيدة كانت مکبلة بأساور من حديد يصعب فكها والتحرر منها يقف متفرجا على ضعفها بشعور نشوة كان يحركها مثل عروس الماريونيت وهو ممسك بالحبال يحركها كيفما شاء.
هتفت زينب بملامح حزينة 
كلما نظرت لعينيك الحزينتين أشعر بالندم بسبب ما حدث لك زواجك كان خطئنا منذ البداية والدك رحمة الله عليه كان يريد أن يطمئن عليك قبل أن تتوفاه المنية ولم نكن نعلم حقيقته الكاذبة ووجهه المخادع تلون علينا جميعا كان يرتدي قناعا يخفي الحقيقة المؤلمة
تأفأفت بضجر وقالت وهي تلوي ثغرها 
لا يعد يصلح الندم يا أمي كل شيء مقدر ومكتوب ثم استرسلت حديثها قائلة
كل ما يهمني الآن هو صحة ابنتي لن اتركها تعاني في احلى سنين عمرها بسبب سوء أختيار لا ذنب لها في ارتباط اسمها بهذا الشخص طوال حياتها
نهضت زينب عن مقعدها وقالت
لا تحملين هم مصاريف العلاج والجلسات الخاصة بنور سوف اتحملها انا وساجلب لك المتبقي من المعاش
قال ندا معترضة
لا أمي لست
 

تم نسخ الرابط