الجزء الثاني من رواية هوس من اول نظرة بقلم ياسمين عزيز

موقع أيام نيوز


و حقيبتها على الطاولة ثم قبلت والدتها قائلة..
لسه مصحيتش
حركت ام إبراهيم رأسها بنفي ثم أجابت..
تؤ... لسه متدخلي تشوفيها يابت مش يمكن حصلها حاجة 
بادلت سارة نظراتها بين باب غرفتها و بين والدتها 
مجيبة بقلق..بعد الشړ ياماما..أنا هدخل أشوفها 
بس ممكن تحضريلها لقمة تأكلها دي أكيد جعانة 
و خصوصا إنها.... 

زمت شفتيها متوقفة عن إكمال جملتها خاصة بعد أن حدقت فيها ام إبراهيم بشك..
إنها إيه إنطقي يابت إنت مخبية إيه عليا 
ماأنا عارفاكي بير مصايب . 
جاهدت سارة حتى تبدو طبيعية ثم أردفت 
ببراءة..مفيش حاجة ياماما... أنا هدخل اصحيها. 
هرعت سارة نحو غرفتها تاركة ام إبراهيم 
تحدث نفسها وتتساءل عن هذه الفتاة الغريبة 
التي لم يشأ القدر أن يضعها سوى في طريق إبنتها المتهورة... 
تمتمت و هي تتجه نحو المطبخ لتحضير 
بعض الطعام..داه إيه المصاېب اللي عمالنا ترف فوق دماغنا يمين و شمال ربنا يهديكي ياسارة...إمتى هتعقلي بس المرة اللي فاتت عملالي فيها فتوة 
و نازلة ضړب في خلق الله و النهاردة جايبالي
مصېبة مش عارفين أصلها و لافصلها جيب العواقب سليمه يارب.... 
دلفت سارة حجرتها لتجد يارا تجلس على الفراش و تحدق أمامها منتظرة عودتها...إبتسمت لها برقة 
حالما رأيتها ثم وقفت في مكانها لتشكرها قائلة..
أنا كنت مستناكي عشان تيبجي مقدرتش أخرج برا الأوضة عشان خفت يكون في حد برا... 
سارة بابتسامة مماثلة..
اه فعلا ماما برا.... 
ضحكت بصوت عال عندما رأت القلق يكسو ملامح يارا لكنها سرعان ماهدأتها..
قلتلك مټخافيش..تعالي إغسلي إيديكي ووشك عشان نتغدا إنت من إمبارح مكلتيش حاجة . 
أسبلت يارا أهدابها بحزن و هي تقول..مليش
نفس. 
سارة بضيق..غلط على فكرة متنسيش إنك حامل 
يلا أحسن ماناديلك ماما و هي هتعرف إزاي تقنعك . 
يارا برفض..لاخلاص مفيش داعي انا هاجي بس... 
سارة..مبسش...نتغدا الأول و نشرب كبايتين شاي 
و بعدين تقعدي تحكيلنا حكايتك من طقطق للسلام عليكوا بس لو مش عايزة بلاش...بس إوعي تقولي لماما على اللي حصل إمبارح أنا قلتلها إني رجعت الساعة عشرة و بالليل و لقيتك ضايعة فدوري كده على أي سيناريو حلو عشان تقدري تعدي من اللجنة... 
تطلعت يارا بغرابة لأنها لم تفهم ما ترمي إليه هذه الفتاة لتنفخ سارة بحنق و هي تزيح جاكيت بدلتها الرياضية قائلة..
لالا البصة دي انا عارفاها شبه البت رباب بتاعة الرقص...شكلك بنت زوات ذوات زيها... 
يارا ببلاهة..طب هقول لمامتك إيه أنا خاېفة 
سارة بمزاح..مټخافيش خالتك سلوى دي عسل 
يتأكل بالمعلقة... حنية إيه و دلع إيه عليها حتة
شبشب طائر في الغول على طول ... 
وقفت يارا و قد تجهمت ملامحها متمتمة..شبشب.... 
أخذت سارة بعض الملابس من خزاتها و أعطتها 
ليارا و هي تطمئنها..
بهزر معاكي ماما دي أطيب ست في الدنيا كلها.. 
خذي غيري هدومك و متفكريش في حاجة 
كفاية الضغط اللي مريت بيه إمبارح داه غلط علي صحة البيبي...غيري و حصليني اوام... 
شكرتها يارا و قامت بتغيير ملابسها ثم خرجت لتناول طعام الغداء و حكت لسارة والدتها 
كل ماحدث معها بإستثناء حاډثة البارحة و هذا ما جعل سارة تغضب كثيرا و تعدها أنها لن تتركها مهما حصل.... 
في مستشفى هشام.... 
و تحديدا في مكتبه
كانت وفاء تجلس بجانب هشام على الاريكة و على وجهها أمارات الحزن المزيفة
تتظاهر بمواساته و تقديم الدعم له..
إهدى ياحبيبي و متضايقش نفسك بكرة إن شاء الله كل حاجة هتتصلح و ترجع زي الاول و احسن كمان.. 
أومأ لها هشام بينما ظلت ملامحه ذابلة لا تظهر اي شيئ من مشاعره و قد لاحظت وفاء ذلك بل علمت أيضا بمشاعره تجاه إنجي إبنة عمه لكنها تظاهرت 
بالجهل حتى تكمل مخططها و بعدها سوف تتركه لها 
فهدفها
الرئيسي ليس قلب هشام بل نقوده... 
تمتمت بداخلها بضيق و هي تضغط على 
أسنانها پغضب..ماتهرب و إلا تغور في ستين داهيه ماتموت حتى إحنا مالنا بيها أوووف كل حاجة بازت بسببها أنا ا لازم أتصرف لا و كمان البنت اللي إسمها إنجي لازم ألاقيلها حل و أبعدها عن طريقي بأي شكل . 
وضعت أفكارها جانبا و هي تلتفت نحو 
هشام الذي كان في عالم آخر.. وضعت يدها 
أعلى كتفه و إستندت عليه لتقف من مكانها 
و تقبل خده قائلة..
هروح أجيبلك حاجة تشربها...و ارجع على طول. 
هشام..ميرسي ياحبيبتي.... 
غادرت وفاء غرفة المكتب ثم أغلقت الباب وراءها 
نازعة عن وجهها قناع اللطف و البراءة و هي 
تفكر سريعا في طريقة جهنمية لتحقيق ما رغبت فيه منذ البداية...اخذت هاتفها من جيب معطفها الطبي
الأبيض الذي يناقض لون قلبها الأسود ثم 
ضغطت على عدة أرقام تحفظها عن ظهر قلب 
و ما إن اجابها الطرف المقابل حتى أسرعت 
تسأله..
إنت فين...تمام إستناني هناك و متتحركش
عاوزاك ظروري . 
أغلقت الخط دون إهتمام بإجابته فهي تعلم 
جيدا أنه لايمتلك حلا آخر سوى الرضوخ 
لأوامرها و إلا فسوف يعلم مصيره جيدا... 
و من غيره ذلك المبنج الفاسد صابر عزمي 
الذي تم طرده من قبل أكثر من مستشفى 
خاص بسبب سرقاته المتكررة للأدوية و 
بيعها في السوق السوداء باضعاف ثمنها 
و كذلك تحرشه بالممرضات و الطبيبات 
أثناء مناوباتهم الليلية و تم حپسه لمدة عامين 
ثم خرج ليلتقي بوفاء عن طريق زميل 
سابق له و هي التي توسطت له حتى يتم 
تعيينه في المستشفى.... 
دلفت وفاء الكافتيريا ثم بحثت 
عنه لتجده يجلس في ركن منزو بعيد عن الانظار 
ېدخن سېجارة و عيناه تلتهمان أجساد النساء
بشراهة.... 
لوت ثغرها بسخرية على مظهره المثير للاشمئزاز ثم أخذت طريقها نحوه... إنتبه لها ليعتدل في جلسته 
و أطفأ سيجارته ممثلا الاحترام. 
وفاء..إنت مش هتبطل حركاتك الژبالة اللي 
بتعملها دي...عاوز ترجع للسجن ثاني... 
إبتلع صابر ريقه و تلون وجهه بألوان الطيف 
متذكرا أيامه الصعبة التي قضاها داخل السچن
ليحاول التحدث معتذرا..
أنا...ممم 
قاطعته وفاء بنبرة حازمة..مش عايزة مشاكل 
بسببك ياصابر متنساش إننا اللي دخلتك المستشفى و بإشارة صغيرة مني هتلاقي نفسك برا.. و دلوقتي 
ركز معايا عشان عاوزاك في مصلحة مهمة و مفيش 
غيرك اللي هيخلصهالي . 
رمقها صابر باستغراب متسائلا..مصلحة إيه 
إنحنت وفاء نحوه إلى الأمام قليلا لتهمس له 
بصوت يكاد لايسمع..عاوزاك تجيبلي أنواع 
الأدوية دي من غير ماحد يشوفك. 
حركت يدها بخفة ثم وضعت في كفه ورقة صغيرة 
ثم قلبتها ليغلق صابر يده بسرعة و هو يومئ لها 
بالموافقة بينما كان عيناه تنطقان بفضوله لمعرفة 
ماتخفيه هذه الافعى التي تجلس أمامه و التي سرعان ما قطعت أمامه الطريق معلنة..
ملكش دعوة بأي حاجة...إنت تجيب الأدوية 
و بس... ممم و متقلقش عمولتك محفوظة 
ساعتين كده و هكلمك ثاني تكون عملت اللي 
قلتلك عليه...
نظر صابر حوله مليا قبل أن يفتح قصاصة 
الورق التي أخذها منها و يحرك شفتيه دون 
صوت و هو يقرأ أسماء الأدوية المدونة عليها ...و ما أن إنتهى حتى ضم الورقة داخل كفه الذي كان يرتعش دون إرادة منه... 
تمتم بداخله و هو ينظر في أثرها بشرود..
ياترى ناوية على إيه الحية دي..و هتعمل إيه 
بالأدوية دي هي ناوية تخدر حد و....
غادرت وفاء الكافتيريا بعد أن أخذت كوبا
كبيرا من القهوة الساخنة و عادت للمكتب... 
تفاجأت عندما وجدت أمامها إنجي التي كانت 
خارجة للتو من عند هشام لكنها سرعان ماتمالكت
نفسها مرتدية قناع الطيبة... 
وفاء بزيف..إنجي إنت هنا و أنا بقول المستشفى 
منورة ليه يا أهلا وسهلا . 
ضحكت إنجي باستهزاء ثم كشرت في وجهها 
قائلة..
لا بجد برافو...بصراحة أنا كمان لو مكنتش عارفاكي
على حقيقتك كنت إنخدعت فيكي زي هشام. 
تظاهرت وفاء أنها مصډومة من كلامها هاتفة 
باستغراب..أنا مش فاهمة إنت بتتكلمي عن إيه 
إنجي بتوضيح..ياحرام و عاملة نفسك بريئة 
أوي.. إنت عارفة كويس انا اقصد إيه بس مفيش 
مشكلة انا فاضية و موارييش حاجة أعملها 
عشان كده هوضحلك.... 
وضعت إنجي سبابتها أعلى صدر وفاء ثم دفعتها
بقوة لتتراجع الأخيرة للخلف بعد
أن فشلت في 
تفادي هجوم إنجي التي أضافت مھددة..
هشام بتاعي أنا.. تقدري تقولي إنه ملكية خاصة 
و أنا مش متعودة أسيب حاجتي لأي حد فأحسنلك 
تنسحبي بهدوء و مين غير شوشرة....تسافري أمريكا 
هولندا.. السودان.. مش مشكلتي المهم إنك تطلعي برا حياتنا خالص و إلا.... 
لم تكن وفاء بغبية أبدا بل فهمت بسرعة تلميحات 
إنجي خاصة عندما ذكرت سفرها نحو الولايات المتحدة الأمريكية الأمر الذي لايعلمه سوى شريكها
الغامض الذي تحدثت معه في مكتب هشام في تلك المرة...لمعت عيناها بتحدي مماثل بعد أن أصبح 
كل شيئ واضحا إذن لاداعي التمثيل بعد الآن.. 
هتفت بنبرة مستهزءة و هي تراقب باب المكتب مخافة أن يفتح و يكتشف هشام حقيقتها ..
و إلا إيه يا صغنن...
إنجي بشراسة..تؤ...مقدرش أقلك هخليهالك
مفاجأة أصل انا مش بحب الكلام الكثير و على 
طول بنفذ... 
وفاء و هي تشهق بادعاء..مش معقول...يعني 
إنت كمان زيي بتنفذي على طول بس بليز متتأخريش عليا أصلي بمۏت في المفاجأت 
عن إذنك يابيبي . 
دفعتها جانبا حتى تمر ثم فتحت باب المكتب و دخلت غمزت إنجي قبل أن تغلق الباب تاركة 
إنجي تنظر في أثرها پغضب بسبب برودة أعصابها 
و حديثها المستفز. 
في القصر و بعد مرور أسبوع على إختفاء يارا...
تحولت نظرات الجميع نحو صالح من لائمة و محتقرة إلى أخرى تملأها الشفقة على حاله الذي 
إنقلب مائة و ثمانون درجة منذ غيابها...
طوال الليل و النهار يظل هائما يجوب الطرقات 
بحثا عنها و لايعود سوى فجرا لينام بضع سويعات 
في سيارته ثم يعود من جديد للبحث عنها.. كلف مئات المخبرين السريين لكنهم لم يجدوا شيئا حتى الآن... كاميرات المراقبة لم تكن الأخرى مفيدة و خاصة أغلب الجيران لم ترصد شيئا...كان هادئا بشكل
غريب حتى أروى التي كانت لاتنفك تسمعه كلاما 
مسمۏما كلما رأته... أشفقت عليه و لم تعد تحدثه... 
لم يره احد يأكل او يشرب...حتى قاعة الرياضة التي كان يسكنها لساعات لم تطأها قدماه منذ أسبوع. 
سيف فريد هشام...الجميع كانوا يبذلون قصارى 
جهدهم لمساعدته...ريان شقيقها.. والدها حتى
ميرفت التي نسيت مكانتها و صورتها أمام مجتمعها الراقي و أهملت نفسها كليا نسيت و لأول مرة في حياتها حتى بانت عليها علامات التقدم في العمر... 
سناء التي لا تتوقف عن البكاء...القصر تحول لصحراء
قاحلة لا يسمع فيه أي صوت... 
الثالثة فجرا أطل سيف من شرفة جناحه 
عندما سمع صوت سيارة صالح تعبر بوابة القصر... 
عاد للداخل ثم ألقى نظرة على سيلين النائمة 
و توجه نحو مطبخ الجناح ليأخذ حافظة الطعام 
التي طلب من فاطمة تحضيرها قبل سويعات. 
نزل الدرج و منه إلى حديقة القصر حيث ركن 
صالح سيارته... 
توجه نحو باب السيارة الاخر و ركب إلى جانبه 
فتح إحدى العلب و وضع فيها الملعقة و ناولها
لصالح و هو يقول له..
لازم تاكل عشان تقدر تقاوم...
أبعد صالح الطبق من أمامه ثم أراح جسده على متكئ الكرسي و يغمض عينيه طلبا للراحة التي لم تزره منذ أن غابت روحه عن ناظريه...دموعه إنسابت 
على وجنتيه لتشق طريقها و تختفي هي الأخرى 
بين شعيرات ذقنه التي طالت...مما جعل سيف 
يغمض عينيه بأسف فإبن عمه لم يكن من الأشخاص 
الذين يظهرون ضعفهم أمام أي أحد ...يبدو أن 
طاقته بدأت تنفذ و حاجز القوة الذي كان يتوارى
خلفه إنهار...
رآه يحرك شفتيه الجافتين عدة مرات قبل أن 
ينجح بصعوبة في تشكيل بضع كلمات نطقها 
بصوت مهزوز..
أنا حاسس... إني.. ه.. ھموت... 
أصدر سيف شهقة تدل على إسنكاره مما سمعه 
منه قبل أن يجيبه على الفور..
كفاية هبل و إجمد...إن شاء الله
 

تم نسخ الرابط