منقذي الزائف بقلم بتول علي

موقع أيام نيوز


وبين تقلبات واستقرار بقى حبهم الشئ الوحيد الثابت .
زينب عانت من حديث المجتمع عن كبر سنها وتأخرها بالزواج حتى بعد زواجها مقتت جملة قطر الزواج عدى التي تكررت علي مسامعها مرارا ولن تنكر أنها كانت تجيد الخسف بحالتها النفسية وجعلها تنطوي على نفسها أكثر مقتنعة أحيانا أنها بالفعل قد فقدت فرصتها في بناء حياة أسرية مستقرة .

فقط إذا توقف الناس عن الحديث لم شعرت زهرة بما شعرت به يوما .. نحن من نأذي أنفسنا وليست الظروف وأكثر ما يؤذينا هو حديث البشر كلمة
عابرة تقولها أنت تستقر في نفسي مستقرا طويلا من تأخر عن شئ ليس من شأنك أن تذكره بأنه قد تأخر عنه فهو يعلم هذا جيدا ولا ينتظرك لتنبه من فقد شئ ليس بحاجه لك لتذكره بأهمية ما فقده .. من الأساس لا أحد يحتاج لحديث أحد خاصة إن كان ساما مؤذيا .. فرفقا بمشاعر الآخرين .
ربما انتهت تلك الجملة التي تصف الزواج بأنه قطر وعدى من حياة زينب ولكنها 
دكتورة زينب أنا مبسوطة أوي أني قابلت حضرتك .
ابتسمت زينب بحبور وهي تردد 
وأنا أكتر .
أنا بس كان عندي سؤالين عن الرواية .
اتفضلي .
هو ليه حضرتك مذكرتيش حبك للكتابة في أحداث الرواية 
ابتسمت زينب وهي تردد 
عشان أثناء أحداثها مكنتش حبيت الكتابة لسه ولا دخلت العالم ده أحداث الرواية توقفت لحد بعد جوازي بسنه أنا بقالي 7 سنين متجوزه دلوقتي وبكتب من 5 سنين .
تمام وعندي فضول أعرف حماة حضرتك بقت كويسه معاك والتزمت بكلامها الي ذكرتيه في الرواية 
ابتسامة ساخرة زينت محياها وهي تقول بلباقة 
لو كنت حابه أوضح كنت وضحت في الرواية لكن الأحداث متوقفة عند وقت معين وفيما بعد الوقت ده متروك لخيال القارئ بعد اذنك .
أجابتها الأخيرة بلكنتها العربية الغير سليمة 
يس مادام .. من شوية صغيرين وأكلوا قبلها .
تلفتت حولها وهي تسألها ثانية 
ياسر لسه مجاش 
نفت برأسها وهي تقول 
نو مدام لسه أنت تحبي احضر غدا 
نفت برأسها وهي تكمل طريقها للداخل 
لأ شكرا
يا جيسي هستنى ياسر .
دلفت لغرفتها لتضع حقيبتها وتلتقط هاتفها تضعه على الشاحن سريعا لا تعلم كيف نسيت وضعه على الشاحن صباحا فأنهى شحنه منها بمنتصف اليوم وهذا ما قطع 
هتف بها وهو يدلف حاملا صندوق كبير مغطى بقماشه حمراء وجهت نظرها بفضول للصندوق حتى وضعه أمامها على الفراش وهتف 
أنت مش رفضت إني أجيب قطه وقلت مبحبهمش !
هز رأسه يأسا وقال 
ومازال بس قعدت أفكر أجيبلك هدية ايه بمناسبة حفل توقيعك لكتابك الجديد
ملقتش حاجه ممكن .
ضحكت بدلال وهي تقول 
نفسي افهم بتكرهم كده ليه 
رفع منكبيه بلامبالة 
عادي مبحبهمش ..
سحبها من يدها ليجلسا فوق الأريكة مرددا باستفسار 
الحفلة كانت عاملة ايه 
لحقيقة كانت تبقى زي الي أتذكر في الرواية .
شردت بذاكرتها في ذلك اليوم الذي غيرت أحداثه ..
خضعت لرغبة زوجها وذهبت لوالدته لمصالحتها ..
أنا آسفه ياطنط متزعليش مني أنا بجد أعصابي كانت تعبانه وده الي خلاني اتصرف بطريقة غريبة لكن أنا عمري ما قصدت الي عملته أنا حقيقي آسفه أتمنى تعتبريني زي سمية .
وبملامح غير مقروءه ردت الأخيرة 
حصل خير .
نهض ياسر بعد أن دق هاتفه ليستأذن منهما ويخرج تاركا إياهما بمفردهما وما إن خرج حتى استمعت لصوتها ېعنفها 
اوعي تقارني نفسك ببنتي تاني سمية متربية يا حبيبتي مش زيك قليلة الأدب بنتي لو في يوم مدت ايدها عليا أكسرهلها .
وبجدية كانت تسألها 
أنا حابه اعرف الي سمعته كان صح مش كده انا مخرفتش ولا كدبت .
مشطت بعيناها المكان لتتأكد من
عدم وجود أحد ثم هتفت 
آه الي سمعتيه صح .. لما وقعت فكرتك حامل بجد بس لما جبت الدكتور لقيتك عندك 
هتفت بها بصوت مبحوح من تلك الغصه التي
احتلت حلقها ..
يلا يا زهرة .
التفا الإثنان على صوت ياسر الحاد الذي يعبر عن استماعه لحديث والدته التي شحب وجهها وهي تراه أمامها وأكمل 
مش ندمان إني جبتها تعتذرلك لأنك في الآخر أمي بس تنسي إني متجوز أصلا ومراتي ملكيش دعوه بيها .
زهرة 
استفاقت على ندائه لها لتنظر له فوجدته يسألها 
سرحت في ايه 
نفت برأسها وهي تردد 
ولا حاجه .. بص
يا ياسر زي ما قولتلك قبل كده مكنش ينفع أبدا أطلع والدتك بصوره وحشه خصوصا والقصه حقيقيه وكلهم عارفين إنها قصتي وده الي خلاني أغير الحقايق وكمان لأن القراء هيحبوا إن حماتي تعترف بغلطها والأمور تهدى ما بنا .
قطع حديثهما دقات فوق الباب تبعها صوت جيسي يقول 
دكتور ياسر والدة أنت بره .
وضعت زينب يدها فوق جبهتها بضيق ثم وقفت وهي تهتف 
اطلع يا ياسر لتقول إني مش عاوزاك تقابلها .
يق وهو يردد 
ياريتها مش موجودة بجد عالأقل كنت جيت أنا ربيتلك ولادك .
نهض پغضب وهي يهتف 
ياماما لو سمحت كفايه بقى أنا زهقت بجد ارحميني ياريت تبطلي كلام عليها وريحيني وريحي نفسك !
خلاص خلاص هسكت ..
لوت فمها وهي تقول بامتعاض 
قال يعني هتكلم على السفيرة .
رمضان جانا وفرحنا به
بعد غيابه وبقاله زمان
غنوا وقولوا شهر بطوله
غنوا وقولوا
اهلا رمضان .. رمضان جانا
اهلا رمضان .. قولوا معانا
اهلا رمضان جانا
بتغيب علينا وتهجرنا وقلوبنا معاك
وفى السنة مرة تزورنا وبنستناك
من امتى واحنا بنحسبلك ونوضبلك ونرتبلك
اهلا رمضان جانا قولوا معانا
اهلا رمضان جانا 
دندنت بها وهي تخرج من المطبخ حامله أطباق الفول والبيض وخلفها الصغار
زهرة و يوسف يرددون ما تقوله ببهجه ..
خرج ياسر على صوتهم ليهتف بابتسامة فرحه 
مولد كل سنه .
هتفت زهرة وهي تضع الطعام على الطاولة 
بزمتك تحس برمضان من غير الجو بتاعنا ده 
لا طبعا .. ولا حاجه في حياتي ليها طعم من غيركوا .. ربنا يحفظكم ليا .
ابتسمت له بحب وهي تردد 
ويحفظك لينا يابابا .
يلا الفجر هيأذن .
هتف بها يوسف الذي أسرع بتناول البيض ليضحكوا جميعا عليه وهتفت زهرة بضحك 
تمت بحمد الله
الفصل السادس عشر
أخذت آية تقوم بترتيب شقتها وتنظيفها بإتقان شديد فهي على الرغم من سواد قلبها الذي يملأه الحقد إلا أنها تحب النظافة ولا تتهاون في أي أمر يتعلق بمسألة مظهر المكان الذي تجلس فيه.
أثناء قيامها بعملية التنظيف سقط أمامها ألبوم يحتوي على مجموعة من الصور التي تجمعها بزوجها الراحل.
نظرت آية إلى الصور وهي تشعر تأثير كبير على قرارات عمرو.
عندما علمت آية بحمل مروة 
منين يعني يا أذكى أخواتك جيبته من تليفون المحروس ابني اللي حاله واقف لحد دلوقتي بسببك يا وش المصاېب.
كادت آية ترفع صوتها ولكنها تحكمت في أعصابها بعدما انتبهت إلى أنها تجلس في هذه اللحظة داخل شقة حماتها وإذا تحدثت بصوت جهوري سوف تجذب انتباه فادية وسوف يؤدي هذا الأمر إلى زرع بذور الشك في عقلها.
تمتمت آية بهدوء محاولة قدر المستطاع أن تنهي تلك المكالمة بسرعة قبل أن تلاحظ حماتها مسألة تأخرها داخل المطبخ
طيب يا طنط رشا شوفي أنت هتيجي القاهرة إمتى وأنا هقابلك.
هتفت رشا بحدة شديدة فهي لا يمكنها السيطرة على أعصابها بعدما اكتشفت حقيقة تواصل شادي مع آية
أنا هاجي بكرة عشان أزور أختي وبعدها هقابلك في الكافيه اللي سيادتك بتقابلي فيه شادي بس حسك عينك تجيبي سيرة 
تريد أن تثير غيظ رشا التي يبدو من أسلوبها في الحديث أنها لا تنوي خيرا من وراء هذه المقابلة
لا طبعا يا طنط ده أنت الخير والبركة.
أخبرتها رشا أنها علمت بأمر تواصل شادي معها بعدما فحصت هاتفه ورأت الرسائل المتبادلة بينه وبينها.
كانت لهجة رشا حازمة وصارمة للغاية فقد صرحت بشكل واضح أنها ترفض هذه العلاقة وأمرت آية أن تنهي كل شيء من جانبها وتبتعد عن شادي لأنها لا تريد له أن يتزوج بامرأة سبق لها الزواج كما أنها لم تنس الإهانة التي تعرض لها ابنها قبل عدة سنوات على يد عماد.
رفضت آية تلك الفكرة فحذرتها رشا وأخبرتها أنها إذا لم تمتثل لأوامرها فستذهب إلى منزل فادية وتخبرها بكل ما يحدث من وراء ظهرها وسوف تجعلها تعلم أن الفتاة التي يراها الجميع امرأة مخلصة لذكرى زوجها هي في الحقيقة حية ماكرة تريد أن تستحوذ على كمية كبيرة من الثروة حتى تعيش حياة مليئة بالرفاهية مع عشيقها.
لم تستغرب آية من معرفة 
وهو الكلمتين دول مكانش ينفع يتقالوا بسرعة بدل ما تخليني أجي معاك هنا لمحل عصير القصب!
ابتسمت آية قائلة بود مزيف يخفي أسفله الكثير من البغض والحقد
يا طنط أنت سافرت النهاردة وقطعت مسافة طويلة عشان خاطر تشوفيني وأنا مينفعش أخليك تروحي من غير ما أعزمك على حاجة بسيطة وأعمل معاك واجب يخليك فاكراني على طول لأن دي هتبقى اسمها قلة ذوق.
غادرت رشا وعادت إلى قريتها في المساء وهي تشعر ببعض الإعياء فقررت أن تنام وترتاح ولكن ظل التعب ملازما لها في اليوم التالي فقررت أن تذهب إلى المستشفى حتى يتم فحصها ومعرفة سبب مرضها المفاجئ ولكنها سقطت في الشارع
ولفظت أنفاسها الأخيرة أمام أعين الجميع.
رأت مروة بعدما عادت من الحمام برفقة شيماء أمارات الضيق مرتسمة على وجه هبة فسألتها مستغربة تبدل حالتها المزاجية
مالك يا هبة وشك مقلوب كده ليه يا حبيبتي!
مفيش يا مروة أنا حاسة أني تعبانة وعايزة أنام شوية لأني سهرت إمبارح لوقت متأخر ودماغي مصدعة جامد.
لم تفصح لها هبة عن السبب الذي جعلها تتضايق حتى لا تجعل صديقتها تغضب فهي تعلم أن مروة صارت تكره أي شخص تربطه صلة قرابة بآية.
عادت هبة إلى المنزل وهي تشعر بالضيق الذي نتج عن حالة التشتت التي أصابتها بعدما رأت أحمد أمامها وجها لوجه فهي لم تكن تتصور أن تسقط أسيرة لكل هذا الكم من الضياع
من مجرد مقابلة واحدة جرت بينها وبين خطيبها السابق الذي من المفترض أنها صارت تكرهه ولا تطيقه.
أخذت هبة تفكر في كلام أحمد ولكنها لم تقتنع به معللة ذلك بأنه خدعها من قبل ولا يجب عليها أن تسمح له بخداعها مرة أخرى.
حضر إلى ذهنها في هذه اللحظة كلمات توفيق فقررت أن تتحدث مع مالك وتستشيره قبل أن ترد على فكرته بالموافقة أو الرفض.
اتصلت هبة بمالك وطلبت منه أن تلتقي به في المساء وأخبرته أنها تريد أن تتحدث معه في أمر يصيبها بالحيرة وأنها بحاجة إلى رأيه حتى تتخلص من هذا الشعور الذي يضايقها.
تمتمت بتضرع بعدما صدع صوت آذان العصر من أحد المساجد القريبة من منزلها
اللهم ارحمني برحمتك الواسعة واهدني إلى الحق ودبر لي أمري فإني لا أحسن التدبير.
شعر مالك بالسعادة لأن هبة طلبت رؤيته وأخبرته أنها تحتاج إلى نصيحته وهذا يعني أنه صار يتمتع بمقدار كبير من الحب في قلبها ولا يمكن التقليل من شأن تلك المكانة.
أخرج محمد هاتفه من جيب سرواله وفتحه ونظر إلى الشاشة ثم جلس بجوار عمرو وقال
بص يا سيدي
 

تم نسخ الرابط